السّلام عليكَ يا صاحبي،

شيءٌ ما في جسدكَ يقولُ أنكَ لستَ بخيرٍ،

وأنكَ تحتاجُ إلى دواءٍ، ولكنه لا يُشبه ذلكَ الذي يُباع في الصيدليات!

تُعاني نقصاً في العِناق، ولم يُعبِّئوا الأحضان في قوارير بعد!

تحتاجُ غسولاً لقلبكَ،

هذه الدنيا تلوثنا يا صاحبي،

مهما قاتلنا لنُحافظ على نقاء قلوبنا، تعلقُ فيها أشياء،

فالثوب الأبيض أسرع للاتساخ من غيره،

وهكذا القلوب البيضاء، أي لوثةٍ تتركُ أثراً عليها!

تحتاجُ كتفاً تتكىء عليه،

ذلك الأمان الذي لا يستطيعُ الأطباء كتابته في وصفة،

ولا يستطيعُ الصيادلة العثور عليه في رفوفهم مهما كان الخط واضحاً!

كَتِفٌ! أرأيتَ يا صاحبي،

ها هي كلمة واحدة، من ثلاثة حروف، ومكتوبة بخطٍ واضحٍ،

ولكن يا لندرة الأكتاف الصالحة للاتكاء، وكأنكَ تطلبُ بيضة ديك!

تحتاجُ شراباً للنسيان،

أنتَ الذي تمضي نهاركَ شاغلاً نفسكَ كي لا تحِنَّ ولا تشتاق!

ثم حين تأوي إلى قلبكَ آخر الليل،

وتستفردَ فيك أشواقك، ويستبدُّ بكَ الحنين،

تأخذُ ملعقةً وتنامُ،

ليل المشتاقين طويل يا صاحبي،

فلا ينام من كان في صدره فجوة لا يملأها إلا رأس واحد!

تحتاج قارورة دموعٍ صغيرة تسكبها في عينيكَ حين تريدُ أن تبكي ولا تستطيعُ،

يحدثُ يا صاحبي أن تنزَّ الدموع من كلِّ خليةٍ فيك إلا من عينيك!

ولا شيء يريحُ المرء مثل أن يبكي، ولكنه أحياناً لا يستطيع!

تحتاجُ ضماداً لكل الجروح التي لا يراها الناس،

تلكَ الجروح الغائرة التي تتحسسها وحدكَ بين لحظةٍ وأخرى،

تمرُّ عليكَ لحظاتٌ تعتقدُ فيها أنكَ شُفيتَ من كثرة ما تناسيتَ،

ولكن ما إن تخلو بنفسكَ، ستتفقدُ جرحكَ لتجده ما زال رطباً ونازفاً،

أوجعُ الجروح يا صاحبي هي التي تكون في الروح!

والسّلام لقلبكَ