كان هذا ليكون السؤال الرابع ضمن الأسئلة الأربعة الكبرى حول الكتابة الإبداعية,وهي
-ماذا أكتب؟
-لماذا أكتب؟
-من يكتب؟
-كيف أكتب؟
وإذا قسمنا طريقة الكتابة لقواعد واضحة آمرة,لكانت الأوامر الأولى هي
1-اقرأ
ثم
2-اكتب
واكتب هو عنوان مقال آخر اختزلته داخل هذا المقال. عنوان ضمن سلسلة عناوين حول فن الكتابة. وبعد سلسلة من المقالات عن القراءة. حيث بعد القراءة ننتقل إلى الكتابة,وقد أجمع كل الكتاب والنقاد على أن الشرط الأول لإحتراف الكتابة -بعد القراءة بإعتبار أن تلك سمت أساسي في أي مثقف,وأن المثقف هي محطة ضرورية قبل التحول لكاتب- هو الكتابة نفسها. إن القراءة تجعلك واعيا أو مثقفا,ولكن الكتابة هي التي تحولك إلى كاتب. وظيفة الكاتب هي الكتابة. وتعد القراءة الوقود الذي يحرك آلة الكتابة,ولكن الآلة تفقد قيمتها إذا توقفت عن العمل. حتى لو ظلت تستهلك وقودا وتحرقه دون أي إنتاج.
الكتابة بكثرة وباستمرار دون توقف. الكتابة والكتابة والكتابة. الكتابة ثم إعادة الكتابة. تكرار مستمر لهذا السلوك؛الكتابة,وفعل متحقق ومستمر في التحقق (يكتب) لا يجب أن يعلق في المستقبل (سيكتب) أو بصيغة الأمر (اكتب) أو يزول في الماضي (كتب).
وأهمية الكتابة ترجع لثلاثة أسباب
أولا لأنك لن تقدم شيئا إذا لم تكتب .. لن يخرج من بين يديك أي منتج أدبي إذا لم تكتبه,لذا الكتابة هي خطوة أساسية وضرورية لجعل ما سيكون قد كان.
ثانيا لأن الكتابة فعل حركي وإبداعي ملازم ومقترن بالنشاط العقلي الذي يعد المحرك الرئيسي لملكة الإبداع؛التخيل. لذا فأنت عند الكتابة تسجل أفكارا وتنتج أفكارا أخرى,وهكذا دواليك.
ثالثا لأن الكتابة تساهم على المحافظة على الشغف,بل وقد ينتج عنها عاطفة الشغف,تلك العاطفة إلى جوار الأفكار والقراءة هي وقود الإبداع. الكتابة نار تلتهم أي شيء,وتحرق أي نوع من الوقود. بدون الكتابة أولا لن تنجز شيئا,وثانيا لن تستطيع إبداع أي جديد,وثالثا سيموت أدبك معك. لذا دعك من عقدة الكمال واكتب.
وعودة للنقطة الثانية ذكرنا أن الكتابة تنظيم أفكار,ويمكن أن نضيف مسألة رابعة هي أن الكتابة تنتشلك من أحلام تحقيق الكمال,التي ليست تافهة,ولكنها فارغة لا تقدم جديد دون دفع كتابي يحافظ على نقاء هذه الأفكار. لذا أنت تكتب أولا لتخرج شيئا,بدلا من أن تموت الأفكار في رأسك. وثانيا يمكنك بعدها أن تحافظ على حلمك في تحقيق الكمال من خلال عمليات الحذف والإضافة والتعديل. وهذا يجعل الكتابة تمر على أربع مراحل أساسية
1-تدوين الملاحظات
2-المسودة
3-الكتابة
4-إعادة الكتابة
وعادة يحدث التجاوز,فتنحصر بين الكتابة وإعادة الكتابة,أو حتى المسودة الأولى,وأحيانا مسودة بدون ملاحظات مبدئية. وأحيانا أكثر من مسودة. مسودة أولى,ومسودة ثانية,ومسودة ثالثة. وأحيانا قد تتعدى مرات كتابة النص العشرين مرة. وفي بعض الحالات يستمر التعديل على النص متجاوزا بمراحل ما بعد إعادة الكتابة,إلى ما بعد إعادة الطبع. طبعة ثانية وثالثة, وتعديلات قد لا تنتهي.
إن أول قاعدة -هناك قاعدة سابقة عليها نتناولها لاحقا- في فن الكتابة هي
-اكتب
يبدوا أن آلية الكتابة هنا مقترنة باستمرار الفعل أكثر من أي حولية عن (الكيفية). لكن لا تقلق لن نتركك لوحدك. وأول مسلك يمكنك الاعتماد عليه هو (عدد الكلمات).
عدد كلمات الرواية (المقاييس الامريكية)
بحسب منظمة كُتاب الخيال العلمي و الفانتازيا الأمريكيين،فأن تصنيف الأعمال الأدبية طبقاً لعدد الكلمات يتم كالأتي
-الروايـة Novel
أكثر من 40 ألف كلمة.
-الرواية القصيرة Short Novel
تكون بين 17.500 إلي 40 ألف كلمة. أي أنه يمكن المراوحة ما بين عشرين ألف إلى أربعين ألف كلمة,أو,وهذا ما أفعله أنا في العادة,لا أجعل رواية الرعب تقل أبدا عن ثلاثة عشر ألف (13000) كلمة. ولأن رقم 13 هو رقم الشؤم كما هو معروف. وفي حالات نادرة قد تكون الحصيلة هو سبعة آلاف كلمة أو يزيد. وهو ما ينقلها إلى تصنيف الرواية القصيرة جدا.
الرواية القصيرة جدا Novelette
وتسمى أحيانا بالقصة القصيرة أيضا,وهي من 7.500 إلي 17.500 كلمة.
-القصة القصيرة Short Story
وهي أقل من سبعة آلاف ونصف 7.500 كلمة. وعند هذا الحد تختلط بعض التصنيفات, فهناك أعمال يمكن أن تسمى رواية وهي بهذا العدد (رغم ما تستدعيه الرواية من طول في عدد الكلمات),ولكن أعمال أخرى هي قصص قصيرة,وأحيانا تصنف على أنها قصص قصيرة جدا (أقصوصة).
والحال في عالمنا العربي يدعو للرثاء لأن هناك من يكتب ما هو أقل من ثلاثمائة كلمة ويسميها قصة قصيرة,أنا لا أسمي ما هو أقل من 700 كلمة (كحد فاصل ونهائي) قصة قصيرة,إن لم تكن (أقصوصة) بالفعل.
أصلا في تصنيف الرواية,هناك دور نشر أمريكية لا تعتمد الأربعين ألف كلمة كمعيار لقبول الرواية (بشكل مبدئي) أو اعتبارها رواية من الأصل. فهي لا تعترف بما هو أقل من 75 أو ربما 65 ألف كلمة على أنها رواية. ولكن أكاديميا,في أمريكا,يعد الرقم 40 ألف معيارا مأخوذ به على نحو كبير. يقابله في العالم العربي,رقم 30 ألف كلمة,الذي يقل أحيانا,إلى 20 أو 15 ألف كلمة.
عموما ما بين طيف واسع من الخيارات والتصنيفات المعتمدة على حجم العمل / عدد الكلمات,لا يخرج الأمر عن ثنائية رواية أو قصة (قصيرة).
ويمكن عد الكلمات عبر استخدام برنامج وورد للكتابة والتحرير,وغيره من برامج تحرير النصوص الحاسوبية بمختلف أنواعها. أو من خلال حساب متوسط عدد الكلمات في السطر, مع متوسط عدد السطور في الصفحة,وضرب الناتج في عدد الصفحات.
ولكن لماذا كل هذا التركيز على (مقاييس الكلمات)؟
في الواقع لا يمكن قياس الإبداع الكتابي بشكل حسابي جامد رياضيا,أو كأنها (بالمسطرة والقلم) على حد تعبير أحمد خالد توفيق. ولكن تستخدم عدد الكلمات,أولا لتحديد النوع الأدبي لأن طول النص يؤثر في سير الحبكة وعرض القصة بالفعل. يميل القارئ الأمريكي للرواية المليئة حتى التخمة بالتفاصيل. بينما تميل القصة القصيرة إلى الإيجاز والتكثيف. هذا يؤثر على سردية العمل,ما بين كونه سردا لحدثا معينا,أم هو متتالية من الأحداث.
وثانيا لأن هذه دعوة مفتوحة للكتابة,يجب أن تكتب كثيرا,كثيرا جدا,ستيفن كينج يكتب بمعدل ألفي كلمة في اليوم. لهذا هو غزير الإنتاج حقا. أن لا أكتب أقل من 700 كلمة في اليوم, وأحيانا أكثر بكثير. يمكنك تدريب نفسك على كتابة فصل كل يوم,علما أن الفصل ليس له عدد معين من الكلمات,هو يمثل نقلة من حدث إلى حدث أو مكان أو زمان مختلف عبر سير أحداث الرواية.
حسنا في الأخير قد يبدر في ذهنك السؤال
-كم أكتب؟
حسنا,هذا سؤال في غير محله,فأنت تكتب -إذا كنت مبدعا حقا- إلى أن يتوفاك الله. ربما تصل بكتاباتك إلى مرحلة (التأليف الألفي).
وفي الفقرة السابقة (واعتذر عن الانتقال المفاجئ فأنا أريدك أن تكتب) تحدثنا كثيرا عن أمر أتى في صيغة أمر,وهو الكتابة,وكان الأمر هو (اكتب). واسمح لي أن أضع نفسي,ولو مؤقتا,في موضع الآمر,من باب المصلحة التي تهمني بقدر ما تهمك عزيزي القارئ؛مصلحتك.
إن في فعل الكتابة,توليد مستمر للأفكار أكثر مما يمكن لك أن تتخيل,وإذا لم تكتب,فأنت أولا لن تنتج شيئا,وثانيا ربما أنت خاوي من الأفكار أو عاجز تماما عن توليد أي أفكار. لذا فما عليك فعله هو أن تكتب. ولكن دعنا قليلا نساعدك في الحصول على (الأفكار). والبحث عن أفكار لا يخرج عن عملية (توليد الأفكار) المقامة أولا في الفعل (اكتب),ولأن الفعل مقترن بالزمن,فهي تنقلنا إلى نقطة حول (متى نكتب؟).
في الواقع,اكتب في كل وقت,أنا دائما أكتب في جميع الأوقات,ولكن هناك أوقات أكثر إلحاحا على الذهن من أي وقت آخر. في هذه اللحظات,يجب أن تتحصل فورا على ورقة وقلم,أو لوح كتابي موصول إلى حاسوب,أو حتى عبر مفكرتك الشخصية (الورقية) أو عبر مفكرة الهاتف (الرقمية),أو المهم هو أن تدون في الوقت والآن ما يخطر في ذهنك بالحال من أفكار طارئة قد تحسبها أفكارا جديدة,وقد تكون كذلك بالفعل,الحكم متروك لك,وهو متروك لنا فقط بعد أن تنتج عملا مقروءا بشكل نصي (فنحن لن نقرأ أفكارك بالطبع).
ولكن هذا ينقلنا إلى سؤال آخر,هو أكثر أهمية من سؤالنا السابق؛ماذا أكتب؟
ولكن هذا سنتركه لفصل آخر من سلسلة المقالات تلك,بينما سنركز هنا أكثر على الحيثيات المرافقة لفعل الكتابة,وبناءا على قاعدة أكيدة هي الفعل (اكتب). نتخطى كل التفاصيل والدقائق التي سنتعلمها لاحقا حول فعل الكتابة. لنركز أكثر على استحضار الأفكار,لأن (سدة الكاتب) هي أكبر عدو يواجه الكاتب الموهوب بالفعل (واسمح لي عزيزي القارئ أن أفترض فيك الموهبة).
سوف نفترض,مثلما قد يفعل مهرج راقص,أن أي فعل إبداعي أدبي أو سردي بشكل آخر من الفنون المختلفة (سينمائي / مسرحي / شرائطي) يلزمه أن يكون مختلفا كي يظل حاضرا في العيون والأذهان. ولكن زمن المهرجين ولى تقريبا,والكتّاب يجب أن لا ينزلقوا في فخ الابتذال والابتعاد قدر الإمكان عن إمكانية أن تصبح (مجر مهرج آخر).
كيف نفعل ذلك,الأدب هو أرقى طريقة للتعبير عن أفكارنا,مشاعرنا,وتجاربنا,وسوف نفترض أن (الاختلاف) أساسا للرقي الأدبي والفني. وعليه يجب دائما أن تكون مختلفا فيما تقدمه. يجب أن تكون أفكارك,ببساطة,مختلفة. ليس مجرد آراء عن شيء ما (مثل مذكرات وهذه السخافات,مع ذلك قد تكون سخافاتك مناسبة لعمل أدبي) بل إذا أردت نشر يومياتك, يجب أن تنحتها نحتا كي تكون مختلفة (إلا لو كنت تعايش تجارب مختلفة بالفعل).
هذا ما يدعونا للتساؤل عن متى وأين نكتب؟
في الواقع,يمكنك الكتابة في الحمام,فهو إلهام العظماء كما يقال على حد تعبير أحمد خالد توفيق,ويمكنك الكتابة قبل وبعد وأثناء النوم,فالعديد من الملهمين كتبوا أحلامهم وعلى رأسهم أعظم شعراء الرومانسية في بريطانيا لورد بايرون. يمكنك الكتابة في أوقات الراحة والاسترخاء,هكذا كان يفعل نجيب محفوظ,أو أثناء وقوعك في معاناة,وهكذا فعل كثيرين من رواد الآداب السوداوية أو الكابوسية منهم كافكا,وبو,والماركيز دي ساد. قيل أن بو كان يكتب وعلى كتفه غراب,وزوجته كانت تموت بالقرب منه (ماتت بالفعل,ولم يكن يملك ثمن دفنها). اكتب,ولكن المهم أن تبتعد دائما عن أي صور نمطية Stereotype. والصور النمطية هي صور تشخيصية جاهزة عن الأشخاص. سوف أعطيك تدريبا بسيطا. تخيل صورة في ذهنك عن رجل بخيل,أو حكيم,أو تخيل صورة إمرأة حسناء,أو فتاة بلهاء تغرق في الحب مع شاب لا يقل عنها بلاهة. غالبا سوف تستدعي إلى ذهنك صور مشهورة ومعروفة من أفلام شاهدتها أو قصص قرأتها أو سمعتها. نفس الأمر لو شطحنا بخيالنا قليلا وقلت لك تخيل كلب مسعور,أو زومبي,أو تنين,أو مصاص دماء,أو حتى تجسيدا للموت. ربما أنت تنظر للقرد على أنه حكيم,والأسد شجاع,والثعلب حكيم,وكذلك الحمار حكيم والنملة حكيمة. الحمار على سبيل المثال,إذا قدمته حكيما,كانت صورة نمطية وشائعة جدا في الأدب,وإذا قدمته غبيا لم تخرج عن تصوراتنا عنه,ماذا تفعل؟ حلها أنت. هذه وظيفتك ككاتب مبدع.
قد يخبرني أحدهم أنه ينقل الواقع,وأن الواقع مليء بالنمطيات,والتكرارات,الناتجة عن سلوك بشري معتاد ومعايش كل يوم. هذا صحيح,وغير صحيح بالمرة. صحيح أن العالم مليء بالتكرارات,ولكن غير صحيح ما تفعله. فما حاجتنا لقراءة أدبك إذن ونحن يمكننا أن نشاهده على الطبيعة,أو نشاهد الأخبار على التلفاز كل يوم. ماذا تقدم لي أنت. أنا أشهد مآسي في سوريا تلمسني أكثر مما تنقله أنت لي. إذن,أمامك خيار من إثنين,إما أن تجد إسلوبك في الكتابة الإبداعية والمختلفة (ولا تقلق لن نتركك وحدك). وإما أن تلتقط بعض المواقف التي يمكنك من خلالها تقديم عمل جيد يمكن قراءته,أو ربما أكثر من جيد حتى. على سبيل المثال,نحن جميعا نركب وسيلة المواصلات الأشهر حاليا في مصر,وهو القطار النفقي (مترو Metro). ونشهد الكثير مما نسمع عنه يوميا. من تحرش وتسول ولامبالاة فظيعة منتشرة من الشباب,وحالات إغماء,وشجارات,وبضع حوادث من حين لآخر. كل هذا يمكن رصده في القول لأي راكب متكرر للمترو. أنت لن تختلف عنه في شيء. ولكن ربما حادث واحد,غير متكرر,لا يحدث كل يوم,أو لا يحدث أصلا. يلفت اهتمام الجميع,ولكنه يستميل اهتمامك أنت أكثر من أي شخص آخر. أو ربما هو حدث قد لا يحسبه الجميع مهم,ولا يلفت سوى انتباهك أنت. حسنا,ماذا تنتظر,اكتب عنه فورا.
حسنا,والآن إلى السؤال
-ماذا أكتب؟
ربما لا أملك إجابة ولا يملك أحد. أنت فقط من تعرف ذلك. ولكن دعنا نحاول معا. ولنبدأ أولا من حقيقة أن السؤال هو امتداد لسؤال آخر هو (من يكتب؟). وعليه يجب أن نعلم أن الكتابة حكر على فئتين فقط,من يملك الموهبة,أو من يملك الشغف. وهو ما سنتطرق إليه لاحقا. لذا سل نفسك أولا
-لماذا أكتب؟
حتى تعرف حقيقة من أنت.
الموهبة معناها أنك لديك القدرة على التعبير عن أفكارك ومشاعرك أفضل من الآخرين,حتى ولو لم تكن تعلم ذلك,أو لم تكن مهتم بذلك. ربما كان كارل ساجان مهتما أكثر بالعلوم قبل أن يكتشف موهبته في التعبير عن حبه للعلوم من خلال أدب الخيال العلمي. والشغف معناه أنك تحب الكتابة,وصريح,وصادق,وفاضح دواخلك قبل أن تفضح دواخل الآخرين. وثرثار بالطبع. أو ربما لست ثرثارا,ولكنك تريد فعلا أن تقول شيئا,شيئا مهما. ربما لا ينطبق عليك القول بالكتابة الكثيرة. ولكنك حين تكتب,تبدع.
ولكي نحثك على إخراج الإبداع الكامن داخلك,نتساءل عما يجب كتابته. ويجب أن تعرف أنه يمكنك أن تكتب أي شيء وعن أي شيء. هذا من حيث تنوع وتعدد المواضيع المطروقة أو التصانيف المنصوصة. أما من حيث الجودة,فدعنا قليلا نحدد لك ماذا تكتب؟ (بالطبع لا يوجد أطر ولا حدود واضحة فعليا).
الأنواع الأدبية -وغير الأدبية- عديدة,يمكنك الكتابة في أيها تشاء,ولكن عليك الابتعاد عن بضعة أمور
1-من كان قوت يومه من قلمه.. فقلمة مقيد
مقولة قرأتها في مكان ما,وهي محقة تماما.
2-اللهاث وراء الأنواع الرائجة
ربما يمكنك أن تتعلم الكتابة عن نوع ما,وسوف نحرص على تحقيق ذلك معك لاحقا,ولكن قبلا يجب أن لا تنساق للجري وراء أي نوع أدبي مهما كان شهيرا,على الأقل حتى تحقق شهرتك الخاصة,ما لم تكن مهتما فعلا بهذا النوع من الأدب أو ذاك.
3-الصورة النمطية
الآسيوي,والروسي,والأفريقي,والأمريكي الزنجي,والأمريكي اللاتيني,ليسوا إلا مجموعة من الهمج,فقط الرجل الأوروبي (خاصة الإنجليزي والفرنسي والألماني) والرجل الأمريكي هو فقط النموذج الراقي الوحيد للإنسانية.
وأنا أنقل الآن من ويكيبيديا
الصورة النمطية أو القالب النمطي (وأحيانا تستخدم النمطية) تعني الحكم الصادر لوجود فكرة مسبقة في شيوع فكرة معنية عن فئة معينة،فيقوم المدعي بإلباسها صفة العمومية أو فكرة مسبقة تلقي صفات معينة على كل أفراد طبقة أو مجموعة. واشتق منهما فعل فقيل التنميط والقولبة.
والنمطية أو التفكير النمطي هو التفكير الذي يتبعه الشخص أو الأشخاص اعتمادا على الأفكار الجاهزة (يمكن إرجاعها إلى عادات وتقاليد وموروثات ثقافية ودينية).
مثل المقلدون فهم نماذج للتفكير النمطي لأنهم يتبعون نهجا معينا بشكل تكراري دون الغوص في مبرراته. وأغلب حالات التفكير لا تخرج عن التفكير النمطي.
وإذا كانت ويكيبيديا تعرف ذلك فعليك أنت أيضا أن تعرف ذلك.
4-الابتعاد عن السطح
وبالطبع السطحية هي ابنة عم النمطية,ولكن هناك فارق,فأنت قد تأتي بفكرة جديدة,ولكن فقط تتناولها من السطح.
ولكن كيف تتعلم السباحة,وتغوص في الأعماق؟
هذا نجيب عنه لاحقا.
ولكن القاعدة الذهبية هي
-اقرأ
واضح أن هذه سلسلة من المقالات -كما اعتدت دوما أن أقدم لأي مقال آخر (أي يتضح أنه جزء من سلسلة) تقريبا- تعني بـ فن الكتابة. أي القواعد الأساسية لتعلم الكتابة الإحترافية؛ المهنية والإبداعية. مع التركيز على الأخيرة بالطبع.
ومستهل القواعد متمثل في الملكات الأربع؛القراءة والكتابة والإستماع والتحدث. الإستماع والتحدث سأقوم أنا وأنت بدورهما,دور لك ودور لي. أما القراءة والكتابة فهما أولى ما يجب عليك الإنتباه لهما والإهتمام بهما قبل أن تمسك حتى الأداتين الأساسيتين للكتابة؛الورقة والقلم (أو اللوح الحاسوبي مثلا).
والقراءة تكون على محورين في أي مجال تريد أن تكتب فيه,قراءة الأعمال الإبداعية وقراءة الأعمال النقدية.
لا يمكن حصر ولا حتى الضرب بالمثل للأعمال الإبداعية هنا,أو هكذا يخيل لي,وفي المقابل نعرض لاحقا بعض الأعمال النقدية التي درست وحللت آليات الكتابة.
إذن نحن لن نتحدث هنا عن ترشيح أي أعمال (إبداعية / نقدية) للقراءة,بل يهمنا في المقام الأول تقديم وتحليل فعل القراءة نفسه,وتبيان فوائده -وهو ما سنفعله لاحقا,ولكن نكتفي حاليا بالتوصية فقط- وأهم هذه الفوائد بالطبع بالنسبة لنا الآن هو أن تثري قراءاتك ملكتك الكتابية. ولهذا يجب أن تنظر في أمر الترشيحات الجيدة,والمراجعات الموجزة التي لا تعطي حرقا للأحداث,وقوائم الأفضل والأعظم والأشهر (وليس بالضرورة قوائم الأعلى مبيعا). وتبحث أيضا عن كتب لا يبحث عنها أحد,ولا يذكرها أحد. هناك كنوز لن تكتشفها إلا من خلال القراءة.
القراءة هي جمع المعلومات عبر العلامات
والعلامات هي الأرقام أو الرقائم,والشبكة الافتراضية عبارة عن أرقام,وكأن في هذا تأكيد على الصلة بين الحروف والأرقام,فالشبكة مليئة بالكثير من النصوص الجيدة.
اقرأ
اقرأ كثيرا
أن تكون قارئا أن تكون ناقدا أن تكون كاتبا
أما عن ماذا تقرأ,فهذا لا يهم حاليا. ربما أطلب منك أن تكون اختياراتك انتقائية قليلا,لكن لا أطلب منك أن تقرأ كتبا تعد مصادر أو مراجع. ليس حاليا على الأقل. المهم أن تقرأ كثيرا. فهناك أربعة جوانب أو مراحل للقراءة الناجحة والفعالة.
1-أن تقرأ كثيرا
2-أن تقرأ أعمال جيدة
3-أن تقرأ جيدا
4-الكتابة
فما لا يعلمه الكثيرين,أن الكتابة,والتعبير عن الرأي بالكتابة,هي وجه آخر من أوجه القراءة. هذا ما نتعلمه لاحقا حول كيفية القراءة.
اقرأ
نعم .. مرة أخرى,ولكن هنا سوف نتخطى أفعال الأمر اكتب واقرأ,إلى تناول (فن الكتابة) بشكل مكثف أو مركز عن السابق.
الكتابة هي تيار من الكلمات مستمر نصيا وليس شفاهيا
إنه تدوين,ولذلك يمكنك بداية الكتابة عن أي شيء وكل شيء. المهم,أن تكتب,لا أن تحكيه. كف عن سرد قصصك قليلا على أصدقائك,هذا يؤثر سلبا عليك,ويؤثر عليك إيجابا فقط في مراحل وحالات معينة. أما الأفضل من حكي الحدوتة,إذا ما وجدتها في ذهنك,فهو أن تكتبها. أن تحكيها كتابة,لا شفاهة.
مرة أخرى نؤكد على ضرورة الكتابة,إذا لم تكن تكتب كثيرا,فأنت لست كاتبا من الأصل. اكتب بمعدل ألفي كلمة في اليوم,هذا مثلا هو المعدل الذي أكتب به يوميا عندما يكون مزاجي رائقا. ولما تضيق بي الظروف,لا أكتب أقل من 700 كلمة في اليوم. إلا في حالات نادرة جدا أكون منشغلا فيها بالقراءة,والقراءة العميقة والمتعددة. ليس بالضرورة أن تفعل مثلي,ولكن لا يجب أن يقل معدل كتابتك عن 500 أو 400 كلمة في اليوم. فهذا ما قد تكون تكتبه بالفعل من خلال منشور عبر الفيس بوك.
آلية الكتابة قائمة بالكامل على شقين
1-الإعداد النفسي للكاتب
وهذا هو ما نحاول تحفيزك لفعله,من خلال تكرار طلبنا والحث على فعل الكتابة. وقد مررنا مرور الكرام على الأسباب التي قد تدفعك للكتابة,فهي لا يجب أن تخرج عن الموهبة أو الشغف. ولا ثالث لهما. ليس ربح المال مثلا. وإن كان القصد لربح المال قد يأتي تاليا على أحدهما ولا يكون مضرا حينها كما سنوضح في مقالات أخرى لاحقا. وفي هذا السياق أرشح لك كتاب (لماذا نكتب؟) من تحرير الروائية الأمريكية مريديث ماران Meredith Maran. ولا يجب عزيزي القارئ أن تهمل هذه المسألة المهمة؛تحفيز الذات للكتابة,بل وهناك كتب وضعت لذلك,غير محاولة الإجابة عن السؤال (لماذا نكتب؟). مثل كتاب (لياقات الكاتب) لـ دوروثي براندي.
حسنا,الآن,نأمل أن نكون حفزناك قليلا للكتابة,لكن صدقني إذا لم تكن تملك الحافز منذ البداية,فأنت لا تملك الشغف من الأصل,ولا حتى الرغبة في الكتابة. أما لو كنت تبحث عن الموهبة,أي أنك لديك الرغبة,وربما الموهبة,ولكن تريد تنميتها,أو توليدها في حالة لم تكن تملكها. فهذا دور المعرفة,وعلم النفس الحديث أكد أن للمعرفة دور إيجابي في توليد أو تنمية الموهبة.
هذه مجموعة من الأدوات المادية والذهنية -تأكيدا على ما قلناه- التي قد تساعدك على البدء في الكتابة. أول نقل هي مراحل ضروري المرور بها,وأول مرحلة هي
1-البحث عن أفكار وتدوينها
2-ثم اكتب
3-اثم انتهى من كتابة شيء ما,قصة أو مقالة
4-وأخيرا يصبح لدينا مسودة أولى
المسودات والتطبيقات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالإضافة إلى الورقة والقلم,هناك لوحة المفاتيح,أو الحاسوب اللوحي,وشاشة هاتفك الذكي. وليس الأمر مقتصرا على أدوات تحرير النصوص ورقية كانت أو رقمية (والبرامج المساعدة عديدة,أشهرها برنامج وورد من سلسلة برامج مايكروسوفت أوفيس,وهي أدوات تساعدك على كتابة وتحرير نصوصك,ومعرفة عدد الكلمات أيضا). فهناك أدوات أخرى عديدة قد تساعدك في التحضير للكتابة مثل عدسة الهاتف,فربما أنت فعلا تهتم بالتصوير, ويوقظ داخلك شيء ما. وهناك مواقع تحريرية تقدم لك تجربة ممتعة وشبه صافية للكتابة,مثل موقع حرف,وموقع اكتب.
الأفضل دائما هو التنويع ما بين المسودات الورقية والرقمية,ولقد نقلت مدونة أراجيك دراسة غربية تثبت أن كل واحدة تولد فينا استعدادا معرفيا معينا,فنجد أن التدوين الرقمي أسرع,ولكن الكتابة الورقية أكثر تركيزا.
-لهذه الأسباب.. عليك التحول من تسجيل الملاحظات عبر الكمبيوتر إلى الورق!
ثم هناك
إعادة الكتابة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهي المرحلة التالية.
و
تطوير الكاتب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتحدث بعض النقاد,ومنهم الإعلامي طارق عز,حول اقتران عملية تطوير الكتابة,بمسارات تحفيز الكاتب نفسه,والتي يتلقى خلاله دفعه لتطوير ذاته. وفي حديثنا عن المؤلف والتأليف يجب أن نعي هذه النقطة جيدا. ولكن هذا لاحقا
..
لاحقا عزيزي القارئ / الكاتب.
التعليقات