قرأت نبذة بسيطة عن كتاب فرويد و جاء فيها بالحرف الواحد ((أن فرويد وضع فى كتابه ” تفسير الأحلام ” العديد من النظريات النفسية ، التى تُعد الآن مرجعاً رئيسياً لكل المشتغلين فى الطب النفسي أو المجالات ذات الصلة بعلم النفس ، والتى حاول من خلالها الوصول إلى تفسيرات علمية قاطعة لماهيّة الاحلام وكيفية تفسيرها نفسياً ..)) و لكني لم أجد تقريرا أو مراجعة عن كتاب ابن سيرين ، و لم يتوفر لدي نسخة ورقية حتى الأن لكي اقرأ المقدمة على الأقل .
ما الفرق بين كتاب تفسير الأحلام لـ فرويد و تفسير الأحلام لـ ابن سيرين
للفائدة
كتاب الاحلام الذي ينسب لابن سيرين ليس له ولم يكتبه هو
كتاب فرويد حاول فيه الكاتب أن يأتي بتفسيرات علمية نابعة من التحليل النفسي. أما عن مدى نجاحه أو فشله في ذلك فهذا موضوع آخر. وفي المقابل فإن كتاب ابن سيرين (سواء صح نسبه إلى ابن سيرين أو لا) فهو كتاب غير علمي يستمد تفاسيره من القصص الدينية ومعظمها يستحيل أساسًا معرفة صحّته، وهو على الأغلب كلام فارغ أو رأي شخصي لابن سيرين (أو مهما كان الكاتب).
على سبيل المثال، تجد في باب "تأويل الطهارة" المقطع التالي:
"قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله: أولى الطهارات بتقديم الذكر الختان وهي من الفطرة، فمن رأى كأنه اختتن فقد عمل خيراً طهره الله به من الذنوب وأحسن القيام بأمر الله تعالى. وإن رأى كأنه أقلف، فإن القلفة زيادة مال ووهن في الدين وهذه الرؤيا تدل على أن صاحبها يترك الدين لأجل الدنيا."
من هو الأستاذ أبو سعيد هذا؟ وعلى ماذا اعتمد في تفسيره ورأيه؟ ولماذا يجب علي أن أُصدق هذا الكلام وآخذ به؟
هذا هو الفرق بين الكتاب العلمي (أو الذي يحاول أن يتبع منهجًا علميًا على الأقل) والكتاب الذي لا منهج ولا مصادر له (محض هراء).
الكتاب المنسوب لابن سيرين -رحمه الله- ليس له ولم يؤلفه بل ألفه أبو سعيدٍ الواعظ -رحمه الله- وسبب نسبته لابن سيرين هو أن أبو سعيد ذكر اسم ابن سيرين في الكتاب كثيراً ونقل عنه في ما يخص تفسير الأحلام لذلك بعد الزمن ونسب لابن سيرين، أما الكتاب الآخر فلا أعرفه ولا أقرأ كتب تفسير الأحلام من الغرب لأن تفسير الأحلام علم شرعي يُتعلم، وكتب التفسير بشكل عام لا يقرأها من يجهل كيفية الاستفادة منها بل هي تفيد المفسرين أكثر من العامة.
لم أقرأ كتاب فرويد، وأقرأ أحيانا بكتاب تفسير الأحلام المنسوب لابن سيرين -وهو ليس من تأليفه كما تفضل غيري- وفي غيره من الكتب ذات نفس الفحوى، وأظن سؤالك عن الاختلاف بين تفسير الأحلام في علم النفس وتفسيره بحسب الشيوخ المسلمين، هنالك اختلاف جوهري عام بحسب معلوماتي وهو أنه بحسب علم النفس لا يمكن أن ترى صورة شخص في المنام لم تكن قد رأيتها في الحقيقة، بينما بحسب تفسير شيوخ المسلمين فيمكن ذلك من خلال التقاء الأرواح، ويقومون بتفسير الرموز كما قام نبي الله يوسف عليه السلام بتفسير البقرة والسنبلات، وكما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتفسير النخيل وبتفسير الأثواب على أجساد الصحابة -فرأى ثوب سيدنا عمر بن الخطاب وهو يجره جراً- فأوله بالدين، وغير ذلك.
وبالحديث عن رؤية من لم تره من قبل لمن يستنكره، فأذكر مثال صغير قريب مني، وهو رؤية أخي في منامه لشخص طويل القامة جميل الصورة، ولسبب ما خاف منه أخي وأثناء هروبه منه ناداه لا تخف أنا أخوك الأكبر منك بسنتين، فعندما استيقظ أخي قص رؤياه على أمي كحديث عابر، وإذا بأمي تخبرنا أنه قبل ولادتنا -فهو أخي التوأم- بسنتين كانت حبلى ولكن توفي الجنين.
فرويد بنى كتابه على أساس علمي وتفسيرات علمية للنفس البشرية -مع أن كثير من نظرياته دُحِضَت هذه الأيام- ولكن يبقى أنه مبني على أساس علمي ..
أما كتب تفسير الأحلام الإسلامية فهي مبنية على هُراء الكاتِب وتفسيراته هو دون العودَة -غالباً- لشيء ..
ماشاء الله على الإنصاف، العالم الغربي بنى كتابه على أساسٍ علمي، والعالم الإسلامي بنى كتابه على هراء!
أولاً: تفسير الأحلام ظني ليس قطعي، ولا يستطيع أحدٌ أن يقطع به.
ثانياً: يقوم علم التفسير بأخذ الرمز والقرينة وتطبيقها على صاحب الحلم لمعرفة التفسير.
فمثلاً:
اللون الأصفر يدل على الفرح.
والدائرة تدل على السوء.
واللبن يدل على العلم.
وهكذا.
فيقوم المفسر بجمع القرينة والرمز ليستنتج الحلم والتفسير بالظن لا بالقطع.
بالطبع هي هُراء ..
عندما يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت" ثُم يأتي أحد الأشخاص على التلفاز ويدّعي أنه مُفسّر للأحلام ويقوم بتفسيرها حسب ظنونه، مع عدم معرفة الشخص صاحب الحلم، وعدم معرفة حالته النفسية أثناء الحلم، وعدم معرفة تاريخه، هل تظن إذاً أنه سيخرج بشيء غير الهراء ؟
تفسير الأحلام له أركان يجب أن تتحقق قبل يقوم المُفسّر بالتفسير .. وكتب التفسير والمُفسّرين لا يُحقّقون أي من تلك الأركان ..
بالطبع لن أقوم بذكر تلك الأركان، ولكن ان كنت مهتماً بالموضوع يمكنك البحث عنها قليلاً وستجدها فوراً ..
وإذا قارنّا بين علم تفسير الأحلام الإسلامي وبين القواعد التي وضعها فرويد ستجد أنها متشابهة جداً وكأنّه نسخها من العلم الإسلامي، وبنفس الوقت إذا قارنت علم التفسير الإسلامي وبين العلم الفارسي -الذي هو أقدم من الإسلامي بكثير- ستجد أيضاً أنهما متشابهين كثيراً ..
لذلك الصحيح أن نعرف حالة الشخص النفسية وتاريخه حتّى نستطيع تفسير الأحلام بشكل أصح .. وهذا احد الشروط في العلم الإسلامي وأحد الأمور التي تطرّق إليها فرويد أيضاً ..
.
وبالنسبة لأولائك الذي يُحبّون تفسير الأحلام، يجب أن يتذكروا قول رسولهم "الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت" لأنك حتى أنتَ تستطيع تفسير الحُلم بما يُعجِبك وسيكون تفسيرُك صحيحاً لأنك أنت من تعرف نفسك وليس بضع صفحات من كتاب ..
التعليقات