في آخر معرض كتاب عندنا في الجزائر، وجدت كاتبا عليه طوابير على مد البصر، وكتابه قد شاع وذاع صيته في كل المجموعات الجزائرية تقريبا والغريب.. عندما اطلعت الكتاب لم أجد انه يستحق ذلك الزخم الواسع عليه، سواء من ناحية محتواه أو ركاكه أسلوبه، و ربما هذا مادفع صفحات جزائرية عديدة لا علاقة لها بالكتب أساسا للنشر عما آل اليه الوضع، لن أسمي الكاتب ولا الكتاب ولكن هذا دفعني للتساؤل حقيقة عما إن كان هذا يعكس سطحية قارئ اليوم واهتماماته، أم مجرد تسويق جذاب وصل بالكتاب لهذه الشعبية ولقائمة الاكثر مبيعا؟
الكتب الأكثر مبيعا: انعكاس لاهتماماتنا أم لتسويق مميز؟
يمكن للقراء أن يلعبوا دورًا كبيرًا في تحديد الجودة الحقيقية للكتب. حينما يشارك القراء تقييماتهم الصادقة وآراءهم حول الكتب، يمكن أن يؤثر ذلك في توجيه اهتمام الآخرين نحو الكتب ذات الجودة العالية.. وربما يكون هناك جانب من الاعتزاز بالأدب المحلي والكتاب الجزائريين الذي يسهم في رفع شعبية بعض الكتب. هذا ليس بالأمر السيء بحد ذاته، ولكنه يشير إلى حاجة لدعم الكُتّاب المحليين الجيدين بجانب الاهتمام بالشعبية
ولكنيمكن للقراء أن يلعبوا دورًا كبيرًا في تحديد الجودة الحقيقية للكتب. حينما يشارك القراء تقييماتهم الصادقة وآراءهم حول الكتب، يمكن أن يؤثر ذلك في توجيه اهتمام الآخرين نحو الكتب ذات الجودة العالية..
وما حدث هنا هو العكس حرفيا، كانت الطوابير على كتب سطحية..حتى انضم اليهم من لايعرف لا الكتاب ولا الكاتب فقط بسبب ذلك الزخم،متوقعين طبعا أنه زخم على شيء قيم، هذا يدل على خلل في آليات التقييم لدى القارئ من الأساس. يبدو أن القراءة لم تعد بحثاً عن العمق، بل مجرد انتماء لظاهرة شعبية..
مساء الخير ..... تردي الذائقة و سطوة النظرة التجارية و الانسياق الأعمي وراء القطيع صارت هي العوامل الحاكمة لمدى قيمة كل ضرب من ضروب الثقافة اليوم . وبالنسبة لظاهرة الكاتب اسامة المسلم وبخصوص ما صاحبها من تدافع على روايته (خوف) فالحدث ذاع و انتشر ليس فقط في الجزائر بلفي عدة بلاد كمصر و المغرب ثم السعودية بلد الكاتب .
يحضرني هنا اقتباس من كتاب نظام التفاهة :( بمجرد وجود الكتاب اليوم في رف قائمة الكتب الأكثر مبيعاً هذا دليل مبدئ على ضحالته حتى اشعار اخر ) . اختلت المعايير اخي
وهو ذاك، مست تفاهة العصر حتى فئة القراء التي يفترض أن تكون مثقفة وواعية..
لماذا أصبحت الثقافة خاضعة لمقاييس السوق؟ النظام الذي يخلق التفاهة لا يعمل من فراغ، بل يزرع فينا قيم الاستهلاك الفوري والبحث عن الأسهل. المشكلة ليست في الكاتب أو القارئ فقط، بل في بيئة ثقافية تحتفي بالصخب وتهمش الفكر، من يقرأ لمالك بن نبي اليوم مثلا؟ اللهم إلا فئة قليلة تفضل الصمت وربما لاتحضر أصلا معارض الكتب بكثرة..
بالفعل، التسويق يلعب دور كبير في شهرة الكتاب، خاصة في ظل تأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي ساعدت في نشر الكتب بسرعة وانتشار واسع. لكن هذا لا يعني أن الكتاب يفتقر إلى القيمة، فهناك دائمًا من يجدون متعة في كتاب ما حتى وإن لم يكن مميزاً بالنسبة للبعض الآخر. لذلك، ليس الأمر دائماً مرتبطاً بعمق المحتوى، بل أيضا بالتسويق الذي قد يسهم في تصدر الكتاب لقوائم المبيعات. وفي النهاية، كل قارئ له ذوقه الخاص في اختيار الكتب.
لكن هل التسويق هو الفاعل الأساسي أم أن القارئ أصبح ضحية سهلة له؟ وسائل التواصل الاجتماعي حولت الكتب إلى منتجات تسويقية أكثر من كونها تجارب معرفية. ومع ذلك، إذا كان لهذه النوعية من الكتب قراء يستمتعون بها، فربما يعكس هذا انحدارا كبيرا في الذوق العام لدى القراء اليوم..
سؤالك مهم جداً، وأرى أن التسويق له دور كبير في شهرة الكتاب، ولكن في الوقت نفسه، لا يمكن القول إن القارئ دائماً ضحية. ربما يقوم البعض بشراء الكتب بناءً على التسويق، لكن في النهاية، يعتمد ذلك على ذوق القارئ واهتماماته. وسائل التواصل الاجتماعي قد تحول الكتب إلى منتجات تسويقية، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن القارئ قد فقد وعيه أو ذوقه. في النهاية، الأشخاص الذين يبحثون عن قيمة حقيقية سيجدون الكتب التي تتناسب مع معاييرهم. وكذلك، كما حدث مع كتاب (فرصة من ذهب) للبلوجر كنزي مدبولي، فقد تم تسويقه بشكل ضخم ليس بسبب قيمته المعرفية، ولكن لأن كنزي مدبولي هي شخصية مشهورة ولها جمهور واسع. في هذه الحالة، كان التسويق هو العامل الرئيسي في شهرة الكتاب، وليس محتواه. الكتاب اشتهر بفضل اسمها وشعبيتها، وليس بسبب كونه كتاباً مفيداً أو ذا قيمة حقيقية، لكن هذا لا يقلل من قيمة الكتاب نفسه. هذا يوضح لنا كيف يؤثر التسويق في اختيار الناس للكتب، وكيف يمكن أن يساهم في شهرتها رغم أن قيمتها الحقيقية قد تكون غير واضحة
التعليقات