﴿ صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ﴾ [ الفاتحة: 7]

إن الذين أنعم الله عليهم يجمعهم شيء واحد وهو العلم بالحق والعمل به, وهذان الصنفان -أي: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) - على عكس من ذلك, فالمغضوب عليهم, علموا الحق ولم يعملوا به, وعلى رأسهم اليهود علموا الحق ولم يعملوا به, والضالون هم الذين لم يعلموا الحق, أي: عبدوا الله على جهل, وعلى رأسهم النصارى قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام, أما بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام فالنصارى واليهود سواء؛ لأنهم علموا الحق ولم يعملوا به, فكما أن اليهود علموا بصحة نبوة عيسى ولكنهم لم يتبعوه, هكذا النصارى علموا بصحة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه، إذاً لا فرق بينهم وبين اليهود فالجميع بعد بعثة الرسول مغضوب عليهم.

وهنا يقال: لماذا قال: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) مع أنه قال: (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) ؟ لأن النعمة من الله, والغضب يكون من الله ومن غيره, فإذا غضب الله على أحد فكل المؤمنين بالله يغضبون عليهم, ولهذا اليهود مغضوب عليهم من قبل الله ومن قبل الرسل ومن قبل الصديقين والشهداء والصالحين.

العالم : الشيخ محمد بن صالح العثيمين