عندما تعرب أهل الشام والعراق ومصر والمغرب في القرون الأولى، بقيت بعض من خصائص لغاتهم القديمة سواء الصوتية أو الصرفية أو حتى النحوية. فمثلًا أهل الشام يقولون تا نشوفه(حتى نشوفه) وهذه أتت من اللغة الآرامية، وبسبب أن اللغة الآرامية واللغة العربية من عائلة واحدة أصبح نفوذ الخصائص الصرفية والنحوية إلى اللغة الجديدة أسهل. وهناك عامل الزمن، فاللغة بطبيعتها تتغير مع الزمن، لا سيما أنه مرت علينا قرون تحت حكم العثمانين تراجعت فيه اللغة العربية إلى مستوىً متدنٍ جدًا. ثم هناك عامل الاختلاط بين الشعوب، وهذا بدوره يؤثر على اللغة.
كيف تكونت اللهجات المختلفة؟
لو كنت تحكي عن الجذور التاريخية فاللهجات تكونت حتى قبل ان يتعرب أهل الشام والعراق .
وذلك ان القبائل العربية نفسها في عهد النبي عليه الصلاة والسلام كانت لها لهجات متعددة . لكن القرآن نزل بلغة قريش لان قريش كانت تتخير افضل الفاظ القبائل وتتبناها وكل القبائل تعرف لغة قريش ولهذا كان العرب يعرفون ان لغة قريش هي خلاصة كلام العرب من الجميل والجيد .وذلك لحسن الذوق والانتقاء ولما كانوا في قمة البراعة والالمعية في اختيار وانتقاء الالفاظ وتقدير الكلام والشعر حتى علقوا اهم اشعارهم على الكعبة تقديرا لها فسميت المعلقات نزل القرآن معجزة تفحمهم وتسكتهم وتتحداهم الى يوم الدين .
والدليل على أن اللهجات قبل تعرب اهل الشام في العهد الاسلامي ما رواه علماء اللغة من لهجات العرب الاصيلة في الجزيرة العربية وهي
قول سيبويه: "وأما ناس كثير من تميم وناس من أسد فإنهم يجعلون مكان الكاف للمؤنث شيناً"، ويقول أبو الطيب اللغوي: "وهي لغة تميم وجماعة من العرب، وتسمى هذه اللغة بالكشكشة" ويقول الثعالبي : (الكشكشة تعرض في لغة تميم كقولهم في خطاب المؤنث: ما الذي جاء بش؟ يريدون بك). ويقول! المبرد: (قال معاوية يوما: من أفصح الناس؟ فقام رجل من السماط فقال: قوم تباعدوا عن فراتية العراق وتيامنوا عن كشكشة تميم وتياسروا عن كسكسة بكر، ليس فيهم غمغمة قضاعة ولاطمطمانية حمير، فقال معاوية: من أولئك؟ فقال: قومي يا أمير المؤمنين، فقال له معاوية: من أنت. قال: أنا رجل من جرم. قال الأصمعي: جرم من فصحاء الناس).
وطمطمانيةحمير قالوا : الطمطمانية في لغة حمير.. وهي ابدال ال التعريف إلى (ام).. مثل ذلك حديث الرسول عليه الصلاة والسلام حينما سأله سائل: هل من امبر امصيام في امسفر؟ ليردّ عليه المصطفى: (ليس من امبر امصيام في امسفر).
العنعنة في لغة تميم وهي إبدال أن بـ (عن)، كقول ذي الرمة:
أعن ترسّمت من خرقاء منزلة.
و الحديث النبوي ذلك وان ضعفه بعض المحدثون فانه ليس دليلا شرعيا هنا بل دليل لغوي ويعتبر به حسب زمن روايته والاستفادة لغويا منه . لا في الاحكام الشرعية.
صدقت كان لكل قبيلة قبل الإسلام لهجة، ولكن الاختلافات لم تكن ضخمة فهي بسيطة إذا ما قورنت بالاختلافات التي نراها اليوم. ذكرت منها بعض الاختلافات الصوتية مثل كسكسة بكر (أحبتس- بدلًا من أحبكِ) وذكرت عنعنة تميم. ومنها أيضًا اختلافات صرفية، مثلًا يجعل تميم اسم المفعول من الفعل معتل العين(خاط على سبيل المثال) مخيوط؛ جريًا على القياس، في حين أن أهل الحجاز يجعلونها مخيط. أيضًا، توجد اختلافات نحوية(ليست ضخمة) مثل إعراب المستثنى، وقد فصل النحاة في هذا كله.
ولهجتي منحدرة من لهجة تميم وبكر. فأنا أكسكس كما كانت تفعل بكر. وأحذف الياء بعد نون الوقاية، فأقول: حدثتن، أقصد: حدثتني، كما ذكرها الله في القرآن (فيقول ربي أكرمن) وهذه لغة تميم، وأقول مخيوط بدلًا من مخيط، ومبيوع بدلًا من مبيع.
لكن القرآن نزل بلغة قريش
غير صحيح، القرآن نزل بلغة الشعر، اللغة التي تقرأها في المعلقات التي ألفها شعراء من قبائل شتى. فعلى سبيل المثال الحجازيون كانوا يخففون الهمزة فيقولون ذيب وكاس، ولكن القرآن نزل بالتحقيق لأن العرب كانوا يرون التحقيق أفصح.
طبعا الاختلاف اقوى الان لطول الزمان . انا كنت اوضح فقط انها لم تنشأ في العهد الاسلامي الأول .
القرآن نزل بلغة قريش . لا اقصد لغة قبيلة قريش . انما النظام المكي القائم المسمى بقريش . وهو فعليا كان يحتوي العديد من الكلمات بدليل انهم كانوا يربون اولادهم في البادية للفصاحة . فلغتهم لا اقصدبها لغة القبيلة انما لغة مكة ككل التي جمعت ما استحسن من لغات القبائل .
القرآن نزل بلغة قريش ليس كلامي بل هو كلام النحويين وفقهاء اللغة . وليس معنى دخول لفظ فارسي او حبشي او استعمال لهجةقبيلة معينة انه نزل بعموم لغة العرب . بل نزل بعموم أفضل واحسن ما تكلم به العرب . و( عموم وافضل واحسن ما تكلم به العرب ) هو بالضبط تعريف لغة قريش .
غير صحيح، بل كان المعروف في زمن الجاهلية القريب من عصر الإسلام أن أفصح العرب هم تميم،
قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل خمس رجل ، فاختلفوا في اللغة، فرضي قراءتهم كلهم، فكان بنو تميم أعرب القوم.
رواه الطبري.
ومعلوم أن فحول الشعر في العصر الأموي هم ثلاثة(الفرزدق، وجرير، والأخطل) والأولان من تميم والأخير من تغلب الربيعية. كان لقريش مكانة دينية عظيمة عند العرب بسبب رفادتهم، ورعايتهم لبيت الله، ولكن لم يكونوا أفصح العرب بدليل أنه لا توجد قصيدة من قصائد المعلقات كتبها قرشي. أما مسألة أن لغة قريش أفصح اللغات فهذا أتى من بني أمية. مع هذا كان الرسول أفصح العرب، وأتى القرآن ليفلق العرب جميعًا بفصاحته، ولكنه ليس قول قرشي بل قول رب العزة والجلال.
المدرسة البصرية مدرسة قياسية، تجل القياس، لذلك مالت إلى لغة تميم على حساب لغات الحجاز وتعلم أن على رأس هذه المدرسة سيبويه والخليل. لذلك لغتنا اليوم، متأثرة بلغة تميم بشكل كبير، بسبب انتصار المدرسة البصرية على الكوفية.
ياصديقي قولهم أفصح العرب . يعني بعد قريش . لان المُحكِم او لجنة التحكيم كما نقول الان كانت هي رسول الله عليه السلام وهو قرشيّ قح أفصح الخلق عليه الصلاة والسلام . فيعني انهم افصح العرب بعد قريش . لان قريش هي المرجع وهي الأفضل بلا شك.
اما كلامك ان القرآن نزل بلغة الشعر ، فهو قول غير علمي وغير صحيح ولغة الشعر كلمة او مصطلح مستحدث ولا معنى له في حديثنا هنا .
قريش كانت تختار أفضل القصائد وكان الشعراءيقبلون تحكيمها فلو لم تكن افصح العرب ما قبلوا تحكيمها ابدا . اما لماذا لم يكن فيها شعراء دخلوا للمعلقات فلذلك اسباب عديدة تاريخية و قبلية شرحت في كتب النقد وفي كتب اللغة وليس هنا موضعها .
اما جملتك ليس قول قرشي بل قول رب العزة والجلال . فلم يقل احد ان القرآن كلام قريش بل افهم الموضوع فقهاء اللغة من البدء حتى الآن يقولون انه نزل بلغة قريش ولم نقل انه قول قرشي. فلا تبتعد عن روح الموضوع .
راجع الكتب المهمة لأني أراك لم تطالع بما فيه الكفاية . غالبية المفسرين وفقهاء اللغة و الجهابذة الالمعيون أقروا بهذه الحقيقة الواضحة .
والمقال هنا مهم للاطلاع
لكن القرآن نزل بلغة قريش لان قريش كانت تتخير افضل الفاظ القبائل وتتبناها وكل القبائل تعرف لغة قريش ولهذا كان العرب يعرفون ان لغة قريش هي خلاصة كلام العرب من الجميل والجيد .وذلك لحسن الذوق والانتقاء ولما كانوا في قمة البراعة والالمعية في اختيار وانتقاء الالفاظ وتقدير الكلام والشعر حتى علقوا اهم اشعارهم على الكعبة تقديرا لها فسميت المعلقات نزل القرآن معجزة تفحمهم وتسكتهم وتتحداهم الى يوم الدين .
ما الدليل على هذا؟
المعروف أن العرب كانوا يعتبرون أن أهل البادية هم الأفصح كلاماً ولذلك كانوا يعطون أطفالهم للمرضعات في البادية. حتى النحاة كانوا يحتكمون إلى الأعراب عند اختلافهم.
الدليل يوجد في لسان العرب ( من أهم القواميس في اللغة العربية ) لابن منظور : وروي عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه أنه قال قريش هم أوسط العرب في العرب داراً وأحسنه جواراً وأعربه ألسنة وقال قتادة كانت قريش تجتبي أي تختار أفضل لغات العرب حتى صار أفضل لغاتها لغتها فنزل القرآن بها.
وأرجو أن يكون هذان الرأيان دليلان تاريخيان على الموضوع .
لم أرد أن أدخل في جدال فقهي بمسألة لغوية ولكنك اضطررتني لهذا. أما الأثر الذي أوردته عن ابن منظور عن أبي بكر فتمت الزيادة عليه فلم يقل أبو بكر أعربه ألسنة
وابن منظور من القرن الثامن وكان الأجدر ألا تستقي منه. أما قول قتادة فهو أثر يؤخذ ويرد، ولم أجد له ذكرًا إلا في كتاب ابن منظور!
وأرجو أن يكون هذان الرأيان دليلان تاريخيان على الموضوع .
لا يأخي، الأمر ليس تسليمًا، بل مباحثة ومدارسة وتحليل، وقراءة معمقة في التاريخ والأدب وأقوال النحاة وغيرهم. ولو بحثت في هذه المسألة ستجد أن الخلاف موجود منذ القدم وليس حديث الساعة، فكانت له أبعاد سياسية في القرون الأولى.
أنا استشهدت بالحديث لغويا . ولانه اعتمده امام من ائمة اللغة وخبير بها وهو بن منظور ولا يختلف على رئاسته في اللغة العربية.
اما بتحويلك النقاش الى فقهي فلا مشكلة فاليك هذا الاقتباس من تفسير بن كثير .ولاحظ كلامه الأخير حول اسناده صحيح .
قال البخاري رحمه الله نزل القرآن بلسان قريش والعرب قرآنا عربيا بلسان عربي مبين حدثنا أبو اليمان حدثنا شعيب عن الزهري أخبرني أنس بن مالك قال : فأمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف وقال لهم إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش فإن القرآن نزل بلسانهم ، ففعلوا . هذا الحديث قطعة من حديث سيأتي قريبا والكلام عليه ومقصود البخاري منه ظاهر وهو أن القرآن نزل بلغة قريش ، وقريش خلاصة العرب ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد حدثنا يزيد حدثنا شيبان ، عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لا يملي في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف وهذا إسناد صحيح .
فأنا هنا لمباحثتك والتحليل وممارسة النقد العلمي. فتفضل بالرد .
العربية كان فيها دائماً لهجات مختلفة، ما اختلف اليوم هو زيادة الهوة بين هذه اللهجات، ربما بسبب تدهور التعليم منذ بدأت الدولة العثمانية تتدهور.
أذكر أني وجدت كتاباً لجرجي زيدان يحلل كلماتٍ من لهجاتٍ مختلفة ليصل إلى مصدرها في العربية الفصحى. الكتاب تحليلي بحت ولا يعتمد على دلائل تاريخية. سأبحث عنه في ملفاتي إذا كنت مهتماً بالإطلاع عليه.
وفي الويكيبيديا الإنجليزية مقالٌ مسهبٌ في هذا الموضوع، كما أن في ذيل المقال عدداً لا بأس به من المصادر لمن يريد التعمق فيه
هنالك بعض البحث العلمي في هذا الموضوع اليوم، ولكن أغلبه على ما يبدو يتم في الجامعات الأوروبية والأمريكية ويُنشر بغير العربية. أعتقد أن التيار المحافظ في بلادنا يعيق وجود بحثٍ علميٍ جادٍ وموضوعي في تاريخ اللغة العربية.
بعضها تكون نتيجة الإختلاط
أبحث مثلاً في جوجل عن كلمات عربية من أصل وانتظر الإكتمال التلقائي..ستجد "اسباني-هندي-فرنسي..إلخ".
كذلك اللغة الإنجليزية وباقي اللغات يوجد مثلاً هنا كلمات إنجليزية من أصل عربي:
وبعضها نشأ نتيجة الإبتعاد عن المناطق المأهولة بالسكان..والهجرة..إلخ
وبما أن مصر توفرت به كل المزايا ولم يتمنها أحد في يوم من الأيام إلا وقام بإحتلالها..فستجد بها أكثر من لهجة وكلمات من أكثر من لغة :D
التعليقات