اليوم ليس يوماً استثنائياً، أصبحنا نعتاد الأيام والوجع ومر الحياة وضيق العيش، الاستثنائي أصبح لدينا هو الفرح، أن تفيق دون أن تسمع صوت صريخ أم فقدت ولدها، أن يعود الكثيرون الذين رحلوا، أن ترى حيطان البلدة غير ملطخة بالدماء، الاستثنائي أن تفيق وجسدك يتحرك أما بالنسبة للروح فقد ماتت..
في بلدتنا إن كان هنالك أحد يتجهز فاعلم أن هناك عريس، لكنه عريس من نوع غير الذي خطر إلى ذهنك حالاً، فمن يموت يسمى لدينا عريس يُزين بدمائه ويُزف بزلاغيط أهل الحي المشبعة بالقهر والألم على فقدها شباب في أوج العمر، أما الأناشيد يلحنها صوت الأهل الحزين، والأم وااحسرتاه على الأم
كم من ليالي سوف تعيشيها بقهر، ليالي باردة ومعتِمة وكئيبة، خوفنا ليس الموت ذاته بل ذاك الموت الذي لا يولّد سوى الموت..
الخوف هو الشيء الوحيد الذي يكبر داخلنا، الحلم العمر الطموح الحب كل ذلك له عمر مؤقت وأجله قصير جداً، عندما أعود بذكرياتي إلى الوراء أتذكر كيف كنا نعيش بسعادة، لم يكن هناك أحد ينام خارج بيته لم يكن أحد يشعر بالخوف، كنا ننام ملئى البطون حتى فقيرنا كان أولاده ينامون شبعى، واليوم كبرنا لكننا لم نكبر بالعمر بل بالخوف والقهر والوجع، تعتمت قلوبنا من الظلام والسؤال هل سنرى الضوء يوماً ما؟ من يدري!
كانوا يقولون قديماً بأن السكوت من ذهب لكن في حالنا هذا أصبح السكوت من قهر وذل، تتصرف بكل إنسانية مع من حولك حتى مع الحيوانات التي تمر أمامك قاصدة رفق الحيوان منك، لكن في ساحة الحرب هذه القيم معطلة لا تعمل، ما هي إلا ضعف لأنك لا تستطيع بأن تتعامل مع من يده مغطسة بالدماء وقلبه من حجر..
يتبع...