رجل على حافة العدم
كان يمشي بين الناس كأنهم سراب، يراهم ولا يراهم، يسمع ضحكاتهم لكنها لا تلامس قلبه. كان يحمل على كتفيه جثة مشاعره، يسير بها في الطرقات المزدحمة، لكنه كان أكثرهم وحدة.
لم يكن يطلب شيئًا من هذا العالم، لم يعد يريد أن يكون جزءًا منه. كان الصمت صديقه الوحيد، والوحدة ملاذه الأخير. حاول أن يجد معنى للحياة، لكن الطرق كانت تؤدي إلى فراغٍ لا نهاية له، والأبواب كلها موصدة إلا باب الظلام.
كان يستيقظ كل صباح ليس لأنه يريد ذلك، بل لأن جسده لم يعتد الموت بعد. كان يتنفس، لكنه لم يشعر بالهواء، كان يتحرك، لكنه لم يكن حيًا. الموت لم يعد فكرة مرعبة، بل صار وعدًا هادئًا، انتظارًا طويلًا لنهاية لا تبالي إن جاءت أو تأخرت.
وفي زحام المدينة، وسط الضجيج الذي لا يتوقف، كان يسير كظلٍ يتلاشى ببطء، ولا أحد يراه.