في ليلة يغطيها الصمت الثقيل بدا المنزل وكأنه يختنق

ماريانة سمعت صراخ أمها مكتومًا يملأ الغرفة

هيا اذهب واغتسل لم أعد أستطيع التحمل

كانت كلماتها تتطاير بين التعب والغضب كأن كل إرهاق السنوات يخرج دفعة واحدة

أمسكت ماريانة بملابس شقيقها وقالت له بقلق

خذ الآن الملابس واذهب للاغتسال لم تغتسل منذ أيام لقد أرهقت أمي وأتعبتها.

لكن شقيقها رد بغضب وكأن صوته يخرج من أعماق ضباب عقله

هذه ليست ملابسي هذه ليست حقيقية وحتى أنت مثلها أنتم مجرد هلوسات ووهم اخترق عقلي

ارتجفت ماريانةصُدمت من كلامه تساءلت في نفسها

ماذا حدث؟ أمي منذ متى توقف عن العلاج والدواء؟ هل عاد إليه المرض؟ لماذا لم تخبريني؟

أجابتها أمها بصوت متعب كأنها محملة باثقال العالم كله

لقد تعبت يا ابنتي إنه عنيد لا يستمع لي وأنا كبرت هذه مسؤوليتك الآن عليكِ الاهتمام به

انهمرت دموع ماريانة وهي تهمس

كيف يا أمي؟ كيف أساعده إذا كان يسير في الظلام والعناد لا يسمعنا يجر وراءه كل من حوله؟ لقد أنهار منذ عشر سنوات وقد تعب جميع إخوتي منه ماذا سأفعل؟ أليس لي حياة أعيشهاوماذا عن أحلامي ؟ هل يجب أن أتحمل هذا الحمل وحدي؟

ثم نظرت إلى شقيقها ووجدت انعكاسًا مظلمًا لما صار عليه

الإدمان كظلام يلتهم العقل والفصام كالضباب الذي يغيّر الوجوه والأصوات يجعل كل من حوله يتوه في عالمه الخاص

بعد كل هذا الوقت ماذا سيفيده؟ لن يتغير ولن يشفى لأنه لم يساعد نفسه سار في طريق الادمان الضياع والانفصام وما بيدي سوى أن أصغي وأحاول وأصبر.

وفي صمت الليل شعرت ماريانة بأن هذا الظل الذي يمشي معها منذ سنوات قد يظل قائمًا لكنه أيضًا أعطاها درسًا غاليًا

الحياة أحيانًا تجبرنا على مواجهة الظلام بأنفسنا وأن نزرع في داخلنا بذور الصبر والدفء حتى في غياب من نحبهم.