العمل في بلدتنا مختلف جداً، فالحرب مهنة، القتل مهنة، الكذب مهنة والحب أيضاً قد يكون مهنة..

في الحرب حيث كل شيء قابل للبيع والشراء؛ العِرض، الشرف، الضمير حتى الكرامة يمكن التفاوض بها، وكل ذلك من أجل العيش بسلام، ولكن أي سلام لا أحد يعلم!

ترى كيف يتم التفاوض على أرواح وحياة مصيرها الفناء، الموت، الخلاص، لا أحد يعلم.

مدينة الأمان والحب والثقافة أصبحت الآن مدينة الحرب والصراع، عندما يقولها طفل صغير لا يبلغ من العمر سوى خمسة أعوام :" أنا لا أحب النوم خشية الاستيقاظ ولا أجد عائلتي".

الحرب ليست مبرر، والقتل لا وجود له في قاموس غريزتنا،

وفي بعض الأحيان يكون الجهل أأمن وأفضل من المعرفة..

السادس من تشرين الثاني نعم السادس، أتذكر ذلك اليوم بحذافيره، السماء قاتمة والجو كئيب، الشوارع هادئة للحد الذي يمكنك فيه سماع خطوات نملة، كان يوماً غريباً جداً، استيقظت يومها مبكراً على غير عادة، وكانت دقات قلبي غير منتظمة، كأن شيئاً سيئاً سوف يحدث، وبالفعل حدث..

سار اليوم كعادته لكن حالي لم تكن كالعادة، شعور الخوف وعدم الأمان، القلق المتزايد والتفكير المهلك قادني إلى الهروب من المدرسة والجلوس تحت الشجر حتى وصلت حد البكاء،لا أعلم مابي لكنني لم أكن على طبيعتي، وكأن شيئاً سيئاً سوف يحدث، وبالفعل حدث..

الساعة الثالثة حرباً وخمس وأربعون قتيلاً وألف صرخة ويلاه بتوقيت اللاعدل، أشلاء أشلاء، هنا رأس أبي تحضنه أيادي أمي المقطعة، وقدما أختي الصغيرة فوق عكاز أبي، أما أخي فمحت القذيقة ملامحه، لم أعرف أخي " أخي أين أخي، أين أنت؟ لقد جئتك بالحلوى والمثلجات قم هيا لنلعب، لا وقت للغميضة الآن لا تختبئ تعال هنا لنلعب لعبة أجمل، أرني الجمال اليوسفي لقد اشتقت لوجهك، أمي قولي له بأن يحضر، أخبريه أنك قمت بصنع الأرز بالحليب الذي يحبه، كلا أنت يا أبي إنه يهابك قل له احضر إلى هنا كي تشتري أعواد الثقاب لنشعل الشمع فهو يخاف العتمة،

ما بكم لم لا تجيبون، قولوا شيئاً، أبي أمي هياااااااا..