عوده الوحش
لستُ ضعيفة أبدًا، فقد واجهتُ الكثير من المتاعب، ونجحتُ في تجاوزها لأخرج منها أقوى من قبل. كنتُ دائمًا أستمد قوتي من قربي من الله. معه أشعر أنني ابنته المدللة، وأنه يحرك الكون لأجلي. فهو أبي الحنون الذي يمنحني الطمأنينة. ولهذا، لم أكن ضعيفة يومًا، فأنا أملك حب أبي ( إلهي).
استمريتُ في البحث عن العلاج المناسب لنوبات الهلع، واكتشفتُ أن التعافي لا يقتصر على الأدوية فقط، بل يحتاج أيضًا إلى العلاج المعرفي السلوكي (ثيرابي). كان هذا بداية مرحلة جديدة بالنسبة لي. أدركتُ أن طبيبي السابق لا يتقن هذا النوع من العلاج، فقررتُ البحث عن مختص آخر. وبالفعل، وصلت إلى معالج نفسي، واتفقنا على بدء جلسات علاجية قائمة على الحوار.
في البداية، لم أكن أصدق أن مجرد الحديث يمكن أن يكون علاجًا. كيف للكلام أن يغير شيئًا؟ لكنني قررتُ أن أُجرب، وبدأتُ أولى جلساتي العلاجية. لم يكن التغيير سريعًا، لكنه كان حقيقيًا. شيئًا فشيئًا شعرتُ بتحسن واضح، جسديًا ونفسيًا. ومع هذا التحسن، قررتُ التوقف عن تناول الأدوية التي كنت أعتمد عليها، خاصةً وأنها سببت لي أعراضًا جانبية مزعجة، واخيرا حياه بدون دواء.
كانت تلك لحظة فاصلة. استطعتُ بعدها أن أعيش حياة طبيعية لأشهر. عدتُ إلى نفسي كأم وزوجة وربة منزل وسيدة عاملة. شعرتُ بالحرية، وكأنني تخلصتُ من قيد ثقيل. شعرتُ بالنصر. لقد هزمتُ مرضي، و”وحشي” قد اختفى أخيرًا.
"انا هنا مش هسيبك "
لكن ذات ليلة هادئة، كنتُ قد قضيتُ نهارًا سعيدًا مليئًا بالأنشطة المحببة لي. عند حلول الليل، ذهبتُ إلى فراشي، مطمئنة ومرتاحة. غفوتُ سريعًا، ولكن فجأة، شعرتُ به! الوحش؟ هل عاد؟ كيف؟ أنا بخير، وأيامي سعيدة، ولم يحدث شيء يستدعي عودته….
وللحكاية بقية