حب بلا تنازلات لا أفهمه، لا يوجد حب بدون تنازلات من الطرفين، وإلا اختل الميزان، إذا كان الانسان يختلف مع نفسه ويندم على تصرف قام به، ويحدث أن ينقسم على نفسه ويحتار في أمر ما، أيتصرف هكذا أم كذلك؟ فكيف لا يختلف مع شريكه؟ ولا يحل هذه الإشكالية سوى النقاش والحوار وتقديم تنازلات متبادلة بين الشريكين للوصول إلى أرضية مشتركة. في رأيكم، إذا كان الحب يتطلب من أحد الطرفين تقديم تنازلات مستمرة ودائمة على حساب نفسه، هل يمكننا اعتبار هذا
0
ما أقصد قوله هنا أن الثبات والحفاظ على القيم والمبادئ ليس إيجابيا دائما، ليس كل المعايير الخاصة المكتسبة، التي نؤمن بها هي مبادئ عليا وقيم سامية، فهي تخضع للتطوير والتنقيح بحسب تجاربنا وخبراتنا. الثبات والحفاظ على جوهر المبادئ والقيم هو الإيجابي، والعمل به يحتاج إلى تكييف، واستقراء وسط التطبيق وظروفه.
إذا كنا نحسن اختيار أصدقائنا بعناية من البداية وبنوع من التعقل لن نحتاج للحذر وكأننا نخشى في وقت ما أن يُغدر بنا فجأة، حتى في هذه الحالة، أفضل أن نبقي على بعض التحفظ في العلاقات، لأنها متغيرة، وغالبا لا تصمد أمام التحديات الحياتية. وهذا ليس سوء نية منا، بل حذر مشروع ومطلوب. يقول المثل فيما معناه : الحرص أنجع من التخوين.
لأن الحذر من الصديق صعب ومرهق ومتعب، أما العدو فالحذر منه سهل وميسور. لهذا الأجدى لنا ألا ننفتح على الأصدقاء كل الانفتاح، ونبوح بأسرارنا ونكشف عن نقط ضعفنا وقوتنا لهم، يجب أن نحافظ على بعض خصوصيتنا لأنفسنا، لانه قد لا تدوم الصداقة وينقلب الصديق علينا، و يكون سهلا عليه مهاجمتنا لمعرفته بتفاصيل حياتنا.
عندما يتعرض الأنسان للغدر من الصديق في أكثر من تجربة، أكيد يفقد الثقة في الصداقة، ويأخذ الحيطة والحدر في علاقاته، ويُبقي على مسافة بينه وبين أصدقائه. فالعدو واضح في نواياه بينما الصديق يختفي كالحرباء تحت زي الود مع العدو يكون اللعب مكشوفا وكل واحد يحتاط من الضربة التي قد تأتي من غريمه، أما الصديق (غير الأمين) فيؤمن جانبه، ولن يتخذ المرء أي حذر منه، حتى تنزل عليه الضربة من حيث لا يدري.
كيف يواجه الأبناء هذا التسلط بدون مخالفة الأحكام الدينية أو التقليل من أحترام الوالدين ؟ أن يخالف الأبناء الوالدين في اختيار توجه مسلك دراسي لا يناسبهم، فهذا ليس فيه أي مخالفة دينية أو تقليل من احترام سلطة الأبوين، بل بالعكس ينم عن النضج والقدرة على اتخاذ القرار، (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف) ولكن المشكل يكمن في تشدد بعض الآباء، وإيمانهم بصوابية رأيهم، ضدا على معرفة حقيقية برغبات وقدرات أبنائهم (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) علاوة على أنه في
ليس من السهل الصمود على المبادئ والأخلاق، في أوساط فاسدة مليئة بالمغريات، الكل فيها يُعلي المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، إلا إذا كان محصنا بإيمان راسخ وضمير حي، ثابتا على المبادئ الانسانية. ما هي القيم والأولويات الحقيقية بالنسبة لك؟ الصدق، الأمانة، الإخلاص في العمل، العدل، الإحساس العالي بالمسؤولية، عدم السكوت عن الحق، إعلاء المصلحة العامة على الخاصة، مراعاة حدود الله في كل خطوة يخطوها الفرد. وهذا كله ينتج عن التربية السليمة. فلنحرص على تربية أبنائنا يصلح مجتمعنا.
لا بد وأن نفرق بين التغير الإيجابي والتغير السلبي، فلا بأس إذا تغيرنا وتغيرت شخصياتنا وأفكارنا مع تغير الحاضر بما يناسب تطورات العصر، أكيد رنا، هذ أمر مفروغ منه، ومن الضروري أن تتغير شخصياتنا وأفكارنا مع تقدمنا في العمر، وخوض تجارب عديدة، واكتساب مهارات متنوعة، الشيء الذي يكسبنا الرصانة والتعقل والثبات، متى كانت تنشئتنا سليمة. ولكن المقصود هو كنهنا السليم القائم على القيم العليا، والمبادئ السامية، والإيمان الصادق بالله، النابع من التفكر وصولا إلى قناعة تامة بما نرضاه لأنفسنا منهاجا.
: كيف يمكننا كبشر أن نبني حياة توازن بين الحاضر والمستقبل دون أن نفقد معنى اللحظة الحالية؟ بتبني عادات صحيحة وصحية مستدامة، كالرياضة والقراءة والكتابة، وجميع الفنون من رسم وموسيقى، والبستنة والأعمال اليدوية التي تستهوي الفرد، كذلك الحفاظ على علاقات اجتماعية نقية، هذا يجعل يومه عامرا ومسليا ونافعا، مما يخفف من وطأة الوحدة وثقل الأيام.
ما أقسى الوحدة في كل مراحل العمر، ولكن عند تقدم السن تكون أشد قسوة، لأن كل مقومات الحياة الحافلة بالصحة والعافية، والرفقة من زوج وأبناء وأصدقاء ووظيفة ومال، تنسرب من بين الأيادي تاركة الفرد يصارع الفراغ والضعف الصحي وغيره، لذا يتوجب على الانسان أن يعي هذا مبكرا ليستثمر في شبابه لهذه المرحلة، ويحافظ على علاقاته الاجتماعية أن بقيت في الوجود، أو ينشأ أخرى جديدة تناسب مستجدات حياته.
غالبا يسقط الآباء في فخ توجيه أبنائهم، إلى مسارات دراسية بحسب نظرتهم ورؤيتهم، وفي تجاهل تام لرغبة وميول أبنائهم، بدعوة أحقيتهم بمعرفة مصلحة أولادهم، وهنا يرتكبون أكبر خطأ، بحث قد لا ينجح الابن في المسار الدراسي المختار له، لأنه لا يوافق ميولاته وإمكانياته وإمكاناته ورغباته، والأدهى أنه لا يتحمل مسؤولية فشله، لأنه لم يختر هذا التخصص بل فرض عليه، ومعه حق. وحتى إذا ما استطاع النجاح في المسلك الذي أرغم عليه، يبقى دائما فاقدا للشغف، ويؤدي واجبا ثقيلا، لا يُمَكِّنُه
فكيف تنظرون للهجرة، حل أخير لمن استنفذ فرصه في وطنه، أو صفقة خاسرة تنتهي بالندم قد لا تكون الهجرة حلا أخيرا، بل الحل الأفضل من بين حلول أخرى مطروحة، لتحسين ظروف الحياة، وتكون صفقة ناجحة، تستحق تحمل مشاق الغربة والابتعاد عن الأهل والوطن، خاصة عندما يكون المهاجر ذاهبا، لاستكمال دراسته ليتحصل على شهادات في تخصصات ذات قيمة مهمة في سوق العمل، غير موجودة في بلده، أو للالتحاق بعمل مرموق. في حين تكون الهجرة مجازفة كبيرة، عندما يلجأ الانسان إلى