على الجانب الآخر من العالم يدور نقاش أعمق و أعقد و أكثر جدليّة من مجرّد "هل يجب أن نعاقب الناس لكونهم مثليين" حيث أنّ طبيعة النظم الاجتماعيّة و السياسيّة تلك تحتّم على اليمين و اليسار الاعتراف بحق الفرد في التصرّف في ذاك الجزء من حياته.

إن كُنت تتبع حسابات غير عربيّة على تويتر مثلاً فستلحظ شيئاً مشتركاً في معظم الـ bio الخاص بتلك الحسابات و هو ما يُسمّى بالـ gender pronouns و هو ضمير يستحب الشخص أن تذكره به عند الإشارة كهو و هي أو .. هم؟

في الحقيقة، هذا النوع من الأشخاص - و هم حتماً على اليسار - يؤمنون أنّ الجنس sex (و هو المُحدد بالبنية البيولوجيّة للإنسان) مختلف عن الجنس gender (و الذي هو مُركّب اجتماعي تحدده الحالة النفسيّة للشخص ذاته)، الجنس لدى أصحاب هذا الفكر يتعدى كونه ثنائياً بمعنى أنّه non-binary و ليس ذكر أو أنثى كما عرفته البشريّة حتى بداية الألفية الحاليّة حيث أنّه هنالك من الناس من هو لا يصنّف نفسه ذكراً أو أنثى، هنالك العديد و العديد من الحالات النفسيّة و منها الغريب كالأناس الذين يشعرون بأنّهم ليسوا بشراً و إنّما حيوانات.

هذه الحالات الغريبة منها و المعتادة إلى حدّ ما أنتجت العديد من ضمائر الإشارة التي لا أعرف حتى كيف أترجمها إلى العربيّة كـ ze, xe, ve أعتقد أنّ عدد ال genders الممكنة هو خمسين حالياً إلّا أنّ البعض يدّعي أنّه لا حد لذلك العدد و كلّ شخص هو حالة خاصّة قد تنتج جنساً جديداً، الأمر قد يبدو مجنوناً بما فيه الكفاية إلّا أنّ تبعاته هي أكثر تعقيداً و جنوناً.

ما هي الأنثى؟

السؤال على بديهيّته أصبح أكثر تعقيداً بكثير مما كان عليه، هل هي كلّ من يشعر بأنّه كذلك؟ أم أنّه كل شاب خضع لعملية GRS و هي عملية تغيير جنس؟ أم هي فقط الأنثى التي وُلدت كذلك (cis woman)

معظمنا يتفق أنّه من باب اللطف يمكن أن ندعُ شاباً بـ "هي" إن طلب ذلك لكنّ معاملته كذلك هي مهمّة أصعب بكثير، فعديد الإناث المُحافظات لن يتقبل وجود شاب (بيولوجيّاً) في الحصص الرياضيّة الخاصة بأنديتهم أو في الحمامات النسائية أو حتى المسابح النسائيّة.

موقف اليسار

اليسار دائماً يهتم بالأقليّات، لذلك فهم يعتبرون الإشارة و التعامل مع الناس الذين يشعرون و كأنّهم من الجنس الآخر على أنّهم كذلك، بل إنّ الكثير من الدول المحكومة من أحزاب يساريّة ككندا تجرّم الإشارة لشخص ما بـ "هو" بعد أن أخبرك أن تعامله على أنّه "هي"، الأمر يتجاوز ذلك و تنتج عنه أخبار تثير السخرية و الضحك أحياناً كهذا الخبر الذي سأكتفي بالإشارة له بصورة لتغريدة سيمتنع الفضائيون عن زيارتنا بعد قراءتها

أقصى اليسار

موقف أقصى اليسار من الموضوع مجنون، لا كلمة أخرى تصفه، البعض منهم يقوم بحقن أطفالهم الذكور مثلاً بهرمونات أنثوية و إخضاعهم لعمليات تحويل جنس مُبكرة و طويلة الأمد فقط لأنّهم يلحظون بعض التصرفات الأنثوية تصدر عن هؤلاء الأطفال، مُتناسين أنّ الأمر برمّته هو حريّة شخصيّة للفرد و الطفل ليس واعياً بما يكفي ليتخذ هكذا قرار ناهيك عن يتخذ والداه عنه ذلك القرار.

اليمين

اليمين يعتقد أنّ الأمر برمّته هو تدمير لقيم العائلة التي نشأت عليها الحضارة الحديثة، رجل و رجل بالنسبة لهم لا يمكن أن يُشكّل عائلة، زاوج المثليين يبدو لمعظم من هم على اليمين هو خرق "لقداسة الزواج"، هم على ما يبدو يملكون الإجابة الأسهل و التي عشنا معها لسنين طويلة، الجنس هو مُركّب بيولوجي مُحدد عن الولادة و هم جنسان لا ثالث لهما

كلمة أخيرة

الموضوع لا يعرض رأيي الشخصي، أحببت فقط أخذ السؤال المطروح هنا إلى مرحلة متقدمة بعض الشيء، ربّما هنالك جانب جيّد لتأخرّنا في اللحاق بركب هذه الدول في القضايا الجدليّة و ذلك في أنّنا نستطيع رؤية نتائج تجاربهم قبل الخوض فيها بأنفسنا، فما رأيكم أنتم؟