الغذاء ثقافة أولًا.. فقد أكتسب الغذاء لشدة أهميته والحاجة الأساسية إليه معاني تفوق مجرد قيمته الغذائية.

فمعرفة طعام قوم سواء أكانوا من سكان الكهوف أم من رواد ناطحات السحاب، إنما هي إحدى السبل إلى معرفة الأجواء الثقافية والحضارة التي تحيط بهم، وتجمع ما بين التاريخ القومي لهم، والأساطير التي يؤمنون بها، والمذاهب الدينية، والفن والطب، إلخ.

ولطالما قدر المصريون مآكلهم منذ فجر الحضارة الفرعونية، وأسندوا إليه صفات ومعاني واضحة في عاداتهم وتقاليدهم، بل ولجأو لحفظ بعض الأصناف في مواسم وفرتها حتى ينعموا بها في مواسم ندرتها.

لنجد على سبيل المثال السمك. حيث نعمت نقوش جدران المعابد بثروة من الرسوم التي تمثل صيد السمك وحفظه وطهوه واستخراج البطارخ منه، وكان يقدم منه القرابين للآلهة.

وفى كل عام يحتفل المصريون بعيد الربيع أو شم النسيم، وهو من أقدم الأعياد المصرية القديمة، ويرجع الى أواخر الأسرة الثالثة وفي العصر القبطى، ويرتبط هذا الاحتفال بأكل الفسيخ، وهو السمك المملح الذي يصنع من السمك البوري.

فالفسيخ ضارب في جذور الحضارة المصرية منذ القدم، وقد ذكر المؤرخ الإغريقي هيرودوت أن قدماء المصريين كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم.

فقد كان المصريون القدماء يخصصون بداية كل موسم ليكون عيدًا يؤكلون الفسيخ فيه، فتوزعت السنة على ثلاثة أعياد، وهم:

1- عيد آخد، وهو أول يوم فى موسم الفيضان.

2- عيد بيرت، وهو أول يوم فى موسم الشتاء.

3- عيد شمو، وهو أول يوم فى موسم الربيع والحصاد، وكان يعرف بعيد بعث الحياة، الذي أصبح فيما بعد شم النسيم.

وعليه نجد أن الفسيخ هو أكله مصرية خالصة، لا تجدها في أي مكان أخر في العالم، وتلاقي عدد لا بأس منه من الإستهجان لدى الشعوب الأخرى، على الرغم من وجود عادات غذائية أشد غرابة من الفسيخ والأسماك المملحة.

ولنذكر مما لا يؤكل في بلادنا، وأن كان يوفر مصدرًا للغذاء ويروق شعوب أخري، فالصينيين مثلًا يستحسنون الكلاب والقطط والقرود والطحالب، وبعض الأفريقيين يؤكلون الحشرات والكلاب ودهن النمل، والمكسيكيين يتهافتون على أكل الكلاب.


والآن هل شاركتنا الحديث عن ما تعرفه عن أغرب عادات الشعوب الغذائية؟ لابد أن لديك شيئًا مثل هذا في بلدك، فشاركنا به...