سنج - حرب الأدغال - بيت الرعب والفانتازيا

كان يوم وفاة جدي يوم حزينا على الجميع وشعرت بغصة في حلقي جعلت

دموعي تزرف أنهارا حزنا على فراقه، كان جدي أستاذ الفيزياء بجامعة الإسكندرية وقدم كثيرا من الدراسات والأبحاث العلمية عن الثقوب السوداء أهلته لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة الإسكندرية.

عندما كنت صغيرا كان جدي رحمه الله يحكى لي كثيرا من القصص الخيالية الرائعة فقد كان يحب قراءتها على الانترنت وكانت لديه مكتبة كبيرة جعلها أرث لي لينير عقلي بها لكني لم أدخل كلية العلوم بل أحببت الهندسة وأصبحت مهندس كمبيوتر أعمل في أحدى شركات الاتصالات بالإسكندرية، وفي أخر خمس سنوات له في الجامعة كان جدي يقض معظم وقته في الجراج مع سيارته الكلاسيكية والتي ورثها من أبيه، وكانت جدتي وأبى وأخوته يستاءون من ذلك لكثرة أنشغاله عنهم لأوقات كثيرة.

كان الجميع يسمع صوت أنفجارات وفرقعة مدوية فيركضون سريعا نحو الجراج خشية أن يكون أصابه مكروه لكنهم لم يرونه بخير عادة عدى بعض الكدمات في وجه وجسده وبعض الدخان الأسود كما أخبرتنى جدتي بعد وفاته وهى تحكى لي عنه،

وعندما كانت تسأله بخوف " ماذا حدث؟ "

كان يجيب مبتسما كعادته:

" كنت أقوم بتصليح سيارة أبى "

وكما أخبرتني جدتي كثر الشجار بينهما وفى بعض الأحيان كان جدي ينزل للمبيت في الجراج بجوار السيارة، وبعد وفاته أعطتني جدتي صندوق خشبي صغير قائلة بلغة يملئها الحزن علي وفاة زوجها

" لقد أوصاني جدك رحمة الله بإعطائك هذا الصندوق "

أخذت الصندوق ونزلت إلى منزلي في الطابق الثاني من بيت العائلة ودخلت إلى غرفتي وأغلقت الباب خلفي ثم جلست وفتحت الصندوق الصغير لأجد مجموعة من الأوراق أصفرت قليلا بفعل الدهر ومعها كتيب صغير فتحته لأجد رسومات هندسية لسيارة أستنتجت وقتها أنها سيارة جدي.

ولكن لماذا يعطيني جدي رسومات هندسية لسيارته؟

أخرجت بعض الأوراق الموجودة في الصندوق الصغير وبنظرة عابرة وجدت ورقة مكتوب في أعلاها " رسالة إلى حفيدي العزيز "

ورغم فضولى الشديد ألا أنني أعددت لنفسي فنجان من القهوة وعدت أجلس على مكتبي داخل غرفتي وأخذت اقرأ رسالة جدي التي تركها لي:

" حفيدي العزيز، أضع بين يديك الأن أرث كبير لا يقدر بثمن فأرجو أن لا تضيع سنوات تعبي هباءا وأن لا تدع أى مخلوق يضع يده عليه وأنا أعدك يا عزيزي أنك ستجد متعتك فيه كما كنت تجدها في القصص الخيالية التي كنت أقصها عليك وأنت صغير"

أستغربت كثيرا من تلك الرسالة كثيرا فكنت أظن أن جدي سيترك لي أرث من المال ابدأ به مشروع صغير لكن بدلا من ذلك يترك لي سيارة قديمة متهالكة والأدهى من ذلك أنه يسميها " أرث "

ولكن مهلا

ما سر هذا الأهتمام الكبير لجدي بهذه السيارة ؟

وما المتعة التي سوف أجدها في تلك السيارة ؟

هل طورها جدي لتصبح ذات إمكانيات حديثة تناسب طموحاتي كشاب؟

لا أعلم ولكن ذاد شغفي ألاف المرات خاصة بعدما قفزت هذه الأسئلة إلى عقلي فأخرجت بقية الأوراق من الصندوق الخشبي وأخذت أطالعها لأجدها تعليمات لأستخدام السيارة فأستغربت الأمر أكثر لذلك تركت فنجان القهوة وأخذت الصندوق الصغير بمحتوياته وأسرعت نحو الجراج.

كانت الساعة تقارب الرابعة عصرا فكان هذا يوم أجازتي الأسبوعية من عملي ضغطت زر على جانب الباب الحديدي للجراج فبدأ يرتفع رويدا رويدا كاشفا عن مكان تتعدى مساحته العشرة أمتار طولا وسبعة أمتار عرضا علقت على جوانب جدرانه أرفف خشبية تعدي طولها الخمسة أمتار وضعت عليها الكثير من الأدوات والمعدات الصغيرة، كان المكان تعمه الفوضى بعض الشئ فأرضيته مليئة بعلب صغيرة فارغة وأسلاك كهرباء ذات سمك كبير لتتحمل الضغط العالي للكهرباء وأمامي مباشرة كانت تقف السيارة كعروس تتباهى بيوم زفافها، فبالرغم من مرور وقت طويل عليها ألا أنها كانت نظيفة وكأن هناك من يقوم بتنظيفها أولا بأول.

ألتقطت أحدى العلب المعدنية الفارغة من علي الأرض وقرأت عليها بالإنجليزية كلمة " هيدروجين "

أخذت أحدق للعلبة طويلا والسؤال يلح على عقلي

ماذا كان يفعل جدي بغاز الهيدروجين؟

نظرت للسيارة طويلا، كانت من نوعية السيارات الصغيرة التي تحمل فردين فقط بداخلها والتي تراها في أفلام الأبيض والأسود القديمة، فتحت باب السيارة وجلست خلف عجلة القيادة وأنا أحدث نفسي:

" أهذه السيارة تسميها - أرث - يا جدي؟ سامحك الله "

حاولت تشغيل السيارة ولكن أين المفتاح؟ أخذت أبحث دون جدوى لكن تذكرت الصندوق فقد وضعته بجانبي علي المقعد المجاور، أخرجت أوراق التعليمات

الورقة الأولى

" أولا : أجلب معك أربع عبوات من غاز الهيدروجين من فوق الأرفف،

ثانيا: قبل تشغيل السيارة يجب ضبط التوقيت أولا علي أربع أصفار - هام جدا - ثم بعد ذلك أغلاق الأبواب والنوافذ جيدا، ستجد المفتاح داخل علبة صغيرة في الطبلون وبعد ذلك مباشرة فتح عبوتين من غاز الهيدروجين داخل السيارة - هام جدا جدا - بعدها قم بتشغيل السيارة وأدعو الله أن تبقي سليما "

أنفجرت ضاحكا وعلت ضحكاتي داخل الجراج وأنا أتساءل بسخرية كبيرة:

" ما هذا يا جدي؟ هل سوف أقوم بتشغيل مفاعل نووي؟ ههههههه "

أخذت وقتا حتى هدأت ضحكاتي ولكن شغفي تضاعف ألاف المرات وأنا أقول نفسي:

" لماذا لا أجرب هذا؟ ولنرى ما سيكون؟ "

خرجت من السيارة وجلبت عبوتين من غاز الهيدروجين وقمت بتنفيذ التعليمات جيدا وأدرت مفتاح التشغيل بعدما فتحت عبوات الهيدروجين و...

وبدأ كل شيء يتغير حولي

ثقل الهواء وثقلت أنفاسي معه، وشعرت بالسيارة تهتز بحركة غير عادية، بعدها رأيت طلاء جدران الجراج يتساقط مع الأرفف والبناء والجدران، كل شيء يتساقط وشعرت بالهواء ثقيل من حولي أكثر وأكثر فهتفت بخوف كبير :

" ماذا يحدث؟ ماذا يحدث؟ "

فجأة رأيت العبوات والأدوات داخل الجراج ترتفع من حولي في الهواء ببطء كأن هناك سحر في المكان يتحكم بها، وكذلك أرتفعت السيارة بي ببطء في الهواء بينما أنا أصرخ بصعوبة لنقص الهواء في صدري " ماذا يحدث؟ ماذا يحدث؟ "

تشبثت أكثر بالمقعد وعجلة القيادة وفى تلك اللحظة تغير المشهد أمام عيني ولم يعد للجراج وجود،وبعدما وجدت نفسي في الهواء سقطت السيارة فجأة على الأرض بدوى هائل وأخذت أسعل بقوة محاولا التقاط أنفاسي وأختفي كل شيء فجأة ونظرت أمامي لأجد مراعى خضراء تمتد لما لا نهاية وفى الجهة الأخرى كانت هناك غابة كثيفة الأشجار، أشجار ضخمة بشكل غريب

" ما هذا؟ أين منزلي؟ أين أنا؟ أين أنا؟ "

وكانت هذه بدايتي في هذا العالم العجيب الذي وجدت نفسي فيه فجأة

" لقد فعلها جدي، لقد أخترع آلة للزمن "

أنتابنى الذهول وأنا أنطق بتلك الجملة وعيناي تتفحص المكان حولي بذهول، أذا هذا هو الإرث الذي تحدث عنه جدي وأخبرني أنني سوف أجد متعتي فيه، لقد ظل لسنوات يبحث ويجرب حتى حول سيارته لآلة زمن ولكن مهلا

هل يستطيع الإنسان حقا أن يخترق الزمن بوسيلة ما؟

بالطبع لا فلقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بذلك في القرآن الكريم أن ليس بمقدور أحد أن يفعل ذلك سواء إنسان أو حتى جان، أذا هذه ليست آلة زمن بالمعني المفهوم وإنما وسيلة للتنقل بين الأبعاد الكونية واكتشاف عوالم أخرى في أبعاد أخرى بدون فارق زمني بالمعنى الحقيقي،

فهذا هو دور العلم

الأكتشاف والتطور

أذا من المؤكد أنني الآن في نفس توقيت عالمي لكن في بعد آخر أو في مجرة أخرى، ولكن كيف فعلها جدي؟ والأهم من ذلك كيف أعود لعالمي؟

ومن بعيد وتحديدا من بين أشجار الغابة الكثيفة ظهرت أحصنة بيضاء جميلة يمتطيها بشر عراة الصدر ويحملون الرماح والسيوف في أيديهم وأخذوا يركضون نحوي لكن .... كانت المفاجأة

أنها مخلوقات غريبة الشكل

نصف بشر ونصف حصان

إنسان بأربعة أرجل، أرجل أحصنة كاملة

وقفت أنظر أليهم مشدوها حتى أقتربوا منى وهم يحملون رماح قوية صنعت من فروع الأشجار، ظهرت على وجوههم ملامح الغضب وهتف أحدهم:

" من أنت ؟ وماذا أتى بك الى أرض القناطير؟ "

" القناطير "

هؤلاء يسمون أنفسهم بالقناطير، أنني لم أرى هذه المخلوقات ألا في أفلام الخيال العلمي فقط، لم أعلم ماذا أقول وقتها؟ فظللت صامتا أنظر أليهم بأستغراب كبير، ما هذا المكان؟ وما هذه المخلوقات العجيبة؟ وكيف جئت إلي هنا؟

أقتادونى إلى الملك وكان أكبرهم حجما، رأيت عائلات منهم نساء تضع لباس من أوراق شجر " الكاستنيا " العريض على أجسادهن وصغار ذات أربع أرجل بهرتني شقاوتهم، الكل يبادلني نظرات الأستغراب ويتحدثون لغة غريبة لا أعلمها ولكن الأغرب أنني أفهمها أيضا، بعد وقت قليل سألني الملك :

" كيف جئت إلى أرضنا؟ "

لا أعلم ماذا أقول؟ أنني لم أفق بعد من هذا الحلم العجيب وحتى الأن لم أصدق ما أراه أمامي لذلك أمر الملك بحبسي في سجنهم، كان السجن في عالمهم أشبه بمنازلهم والتي تشبه أصطبلات الخيل في عالمنا غير أنها أكبر حجما وطولا ومرصعة بالزهور بمختلف ألوانها ويقف عليه حراس أقوياء كما تنتشر المراعي الخضراء في أراضيهم في كل أتجاه.

مرت ثلاثة أيام – حسب تعاقب الليل والنهار - كانوا يضعون لي طعامي من الفاكهة فقط فيبدوا أن هذا هو طعامهم الأساسي هنا وفى اليوم الرابع حدث ما لا يحمد عقباه وقلب الموازين رأسا على عقب

لقد رأيت " التورتوجا "

التورتوجا، وحوش أسطورية لكنها ليست ديناصورات، أنها وحوش لها قوائم أربعة كالبشر – يدان وقدمان – ووجه كبير مجعد وعينان تشبه الثعابين صلعاء الرأس لها قرنان كبيران كالثور وطولها يفوق الثلاثة أمتار بينما أجسادها في حجم الخرتيت تقريبا، كانوا يملكون أيدي تنتهي بعظام لها حواف حادة تشبه الساطور الذي نستخدمه في تقطيع اللحم، كانوا خمسة من وحوش التورتوجا أنقضوا على عشيرة القناطير وأخذوا يقتلون ويهدمون المنازل ورأيت من خلفهم جيش جرار سمعت ملك القناطير يصيح عاليا بأسمهم

" أنهم الأورك "

كائنات تشبه البشر أيضا ولكنهم مسوخ قصيرى القامة لهم وجوه بشعة سوداء البشرة بها شقوق قوية في جلدها تشبه النحت على الخشب، ولها عينان حمراء ذو قرنية أو حدقة سوداء مخيفة ذادت من بشاعة أشكالهم بينما تنتهي أيديهم بمخالب حيوانية طويلة كالمستذئبين وأقدامهم لها مخالب تنهش الأرض بوحشة.

كانوا يرتدون جلود الحيوانات على أجسادهم وتلمع السيوف في أيديهم تحت أشعة الشمس، وقاتل ذكور القناطير ببسالة ولكن الغلبة كانت لجيش "الأورك" لذلك أمرهم ملك القناطير بالهروب فورا خاصة بعد ما قتل الكثير جدا منهم وهدمت الكثير من المنازل كما تم أسري مع بعض أفراد القناطير وأقتادونا مع أسرى القناطير مقيدين الأيدي وساروا بنا لوقت طويل حتى وصلنا الى منطقة كبيرة وسط الأدغال مخيفة الشكل تبث الرعب في قلوب أشجع الرجال.

فرأيت ثعابين يبلغ طولها العشرون مترا تتمدد فوق فروع الأشجار التي لاحظت أنها قاسية الملامح. فجأة أنفتح فم كبير من أحدى الأشجار وألتقط أحدى الثعابين بداخله فأرتعد قلبي من هذا المشهد وسط ذهول كبير، أشجار حية لها فم وأعين كالبشر، يا اللهى ما هذا العالم الذي جئت أليه؟

أدخلتنا مسوخ "الأورك" داخل أقفاص كبيرة ذات رائحة نتنة ورأيت بعض عظام لكائنات ميتة تفترش الأرض أمامي فذاد رعبي أكثر وأكثر، كانت مجموعة من الأقفاص تتخذ حيزا من منطقة واسعة أسفل تل كبير وأنتشرت مسوخ الأورك في كل مكان وظهر ملك "الأورك" بجسده الكبير نسبيا وهو يتحدث بلغة لم أفهمها لكن أحد القناطير ترجمها بهلع أنتاب نفسه " سوف يأكلوننا أحياء "

وضج المكان بهتاف وصياح مسوخ الأورك ووحوش التورتوجا البشعة فكنا نحن بمثابة وليمة صيد كبيرة بالنسبة لهم فهذه الكائنات تأكل اللحم الحي وكان هذا واضحا من بقايا الفرائس التي قاموا بصيدها، ووسط فرحتهم بدء ذكور الأورك

ينشدون بكلمات ذادت الرعب في قلوبنا:

                                أضرب هنا وهناك
                           أضرب بقوة وفجر الدماء
                              صيد ثمين ولحم وفير
                          سنأكل حتى تمتلئ البطون
                           سنأكل حتى تغفل العيون
                             أضرب هنا وهناك
                         أضرب بقوة وفجر الدماء

وبينما مسوخ الأورك يتسامرون فجأة ودون سابق أنذار سقط شئ ما فوق القفص الكبير فنظرت لأعلى لأرى شيئا يتحرك بخفة فظننت أنه أحد الثعابين الكبيرة لكن عندما قفز واقفا بجوار القفص وجدته " سنجاب " نعم سنجاب في حجم قط كبير له فرو أبيض اللون كثيف الشعر وذيل كبير أحمر اللون يتخلله شريط أصفر في منتصفه فكان مشهده جميلا بحق مما جعلني هذا أتمتم في نفسي " سبحان الخالق العظيم " في تلك اللحظة وجدته يقول لي: " أنت أيها الأحمق " نظرت له بذهول وأنا أتساءل: " أنت تتحدث أيضا كالأشجار؟! " " نعم أيها البشرى الغبي فلتقف أمامي هنا حتى لا يراني أحد الأورك حتى أستطيع أن أخرجكم من هنا " قالها وهو يشير إلى بأصابعه الصغيرة نحو باب القفص، هنا تحرك أحد القناطير مردفا بصوت خفيض لئلا يسمعه أحد الأورك " أنا سأفعلها " وتحرك واقفا أمامه فأختفي حجم السنجاب العجيب خلفه وبدأ يفتح باب القفص الذي كان مغلق بمجموعة من السلاسل الحديدية وبينما هو كذلك همس أحد القناطير إلى " أنهم يصنعون أسلحتهم خلف هذا التل ويستخدمون الزهرة الحمراء لذلك " أستنتجت أن الزهرة الحمراء هى النيران ويبدوا أن القناطير يخشونها كثيرا ولكن من الذي لا يخشاها؟ أستطاع السنجاب أن يفتح الباب بهدوء وكان يجب علينا أن نغادر بهدوء لكن خوف القناطير جعلهم يركضون سريعا دافعين الباب بقوة وسقط السنجاب أرضا فتألم وهو يهتف " أيها الحمقى " لكن أحد القناطير عاد سريعا وهو يصيح " أقفز فوق ظهري " في تلك الأثناء كانت مسوخ الأورك قد رأت هروب القناطير وأنطلقوا يطاردوهم بغضب كبير بينما أشار ملكهم نحونا بيده فتحرك بعضهم نحونا مع وحوش التورتوجا هنا حدث أغرب ما رأيته حتى الأن في ذلك العالم فقد قفز السنجاب نحو أقرب مسخ من الأورك وركله بقدمه بقوة ثم قفز فوقه وأخذ يضرب فيه بقوة ثم حمل سيفه وركض نحو أقرب وحوش التورتوجا الذي رفع يده الحادة وهوى بها نحو السنجاب لكنه تفادها وأندفع نحو اليمين بخفة ثم شق جسده بالسيف سريعا فسقطت أحشاءه ببشاعة أمام الجميع قبل أن يسقط جسد وحش التورتوجا أرضا وهتف السنجاب بصوت عالي وبقوة لم أشهد لها مثيل من حيوان بهذا الحجم: " حسنا أيها الحمقى ... من التالي؟ " ويا للعجب فقد رأيت وحوش التورتوجا تتراجع قليلا للخلف بينما أنظر أنا والقنطور بذهول إلى هذا السنجاب المقاتل، لكن ملك الأورك صاح فيهم بغضب فأفاق الجميع من ذهولهم وانقضوا جميعا على السنجاب الذي أنقذ حياتنا للتو ولكنه قاتل بضراوة كمحارب صنديد يقاتل أعتى الجيوش فرأيته يقفز من هنا إلى هناك ومن فوق جثة هذا إلى رأس هذا ويفصلها عن جسدها ويشق جسد هذا ثم ينحني ليتفادى ضربة سيف من أحد الأورك ثم يقف ليغرس سيفه في عنق آخر، كان يتحرك بخفة يحسد عليها ولكن عاجلا إن آجلا سوف تكون الغلبة للكثرة لذلك كان يجب التدخل وإنقاذه فورا، وبالفعل وجدت نفسي أمتطى ذلك القنطور وأصيح به عاليا " هيا ... الأن " وأنطلق القنطور بى إلى قلب المعركة وركل بقدميه الخلفيتان أثنان من الأورك ثم مددت يدى نحو السنجاب صائحا بقوة " أقفز الأن " وبالفعل لم ينتظر السنجاب وأمسك بيدى قافزا خلفي فوق القنطور الذى أنطلق سريعا مغادرا المكان وركضت خلفنا مسوخ الأورك وتبعتها وحوش التورتوجا، ركضنا بقوة وشعرت بخوف القنطور الذى كان يسابق الريح، وما أن غادرنا الأدغال حتى لاحت لي سيارة جدي من بعيد فهتفت بلهفة: " أنطلق نحو هذه السيارة هناك " بالطبع لم يفهم القنطور ما أعنيه لكن السنجاب قال سريعا له: " أذهب إلى هذا التل الصغير " وبالفعل ركض القنطور نحو السيارة وما أن وصل أليها حتى قفزت من فوق ظهره وقفز السنجاب خلفي وفتحت باب السيارة الصغيرة ورميت بجسدي للداخل بينما فى المرآة الصغيرة الجانبية رأيت مسوخ الأورك ووحوش التورتوغا تركض نحونا وعلى وجوهها كل غضب الدنيا. كان خوفي يسيطر على ويشل تفكيري فنظرت سريعا إلى الأوراق داخل الصندوق الخشبي الصغير ثم بدأت أنفذ التعليمات التي وردت بها فقمت بفتح عبوتى الهيدروجين وضبطت توقيت السيارة على أربعة أصفار الوحوش تقترب يداى ترتعشان من الخوف حاولت أدخال مفتاح السيارة في مكانه لكنه سقط منى وشعرت بالأرض تهتز من تحت السيارة، بالتأكيد أنها وحوش التورتوجا التى أقتربت كثيرا منى، أخيرا أمسكت المفتاح وأدخلته في مكانه وقمت بتشغيل السيارة لكن في المرآة رأيت ما جعل قلبي يسقط بين ضلوعي، أحد وحوش التورتوجا يقفز عاليا ليهوى بيديه الحادة القاتلة فوق سيارة جدي في نفس اللحظة التي أرتفعت السيارة في الهواء وسقطت بدوى هائل مع ظهور شعاع من الضوء غمر وجهي جعلني أغلق عيني وبعدها هدأ كل شئ وبعد قليل فتحت عيني لأرى نفسي داخل .... الجراج " لك الحمد يا الله " صرخت عاليا بالجملة في فرح طفولى وأنا أبكى بعد الذى رايته فى تلك الأدغال وتلك الرحلة الرهيبة، بعدها هدأت وخرجت من السيارة لأرى كل شئ في مكانه عبوات الهيدروجين والأرفف والمعدات، كل شئ في مكانه كما تركته قبل أن أذهب في تلك الرحلة العجيبة. شعرت بحركة مريبة خلف السيارة فتقدمت ببطئ وقد أمسكت في يدي واحدة من المعدات القوية تحسبا لأى خطر وما أن أصبحت خلف السيارة حتى رفعت يدى لأهوى بها على ... " مرحبا أيها الأحمق " تسمرت يدي في الهواء وأنا أنظر للسنجاب الذي أفترش الأرض أمامي وظهر عليه التعب والأجهاد نتيجة للنقلة الكونية التي حدثت للتو، لم أعلم ماذا أفعل وقتها ولكنني أحببت هذا الحيوان الصغير وأتفقنا على أن يمكث هنا في الجراج ويعتبره بيته الأن أطلقت عليه أسم " سنج " وهو أختصار لسنجاب صعدت إلى منزلي لأري الحزن علي وجوه عائلتي الذين ألتفوا حولي وسألتني والدتي: " ولدي ... ماذا حدث لك وأين كنت طوال الأيام الماضية؟ " فأبتسمت لها وأنا أجيب: " لقد كنت أصلح سيارة جدي " ونظرت إلي والدتي بدهشة وذهول وأنا أتركها وأذهب إلى غرفتي. مغامراتي مع " سنج " لم تنتهي بعد لقد بدأت للتو فلقد قررنا أن نسرق بنك.

          إلي اللقاء في الحلقة الثانية بأذن الله من             
                 (    مغامرات سنج    )

تابعونا علي صفحة الأعمال الأدبية للكاتب علي الفيسبوك:

                          ( بيت الرعب والفانتازيا )

لمزيد من القصص الحصرية علي مدونة ( بيت الرعب والفانتازيا )