الفانتازيا هو الخيال

ولكن المقصود به النوع الأدبي (فانتازيا) حيث أدب الفانتازيا هو الذي يقصد خيالا جامحا

وللتمييز أكثر أرجع إلى تصنيفي الثلاثي

الرعب هو الخيال المخيف

الخيال العلمي هو الخيال الممكن

الفانتازيا هو الخيال الجامح

وحتى الغرابة هو الخيال الغريب أو المحير (وهو يتقاطع في أغلب أحيانه مع الفلسفي أو الرمزي ومع الأنواع الثلاثة الأخرى).

والفانتازيا من موقعها هذا تتقاطع مع التصنيفات الأخرى باعتبارها خيالا في وجهات مختلفة. أما الفانتازيا (بمعنى أنها مرادف للخيال) فهي خيال خالص نقي. سواء كان مخيفا,أو ممكنا (في بعض التخيلات التأملية التي تتقاطع أو تتوازى فلسفيا مع الخيال العلمي) أو غريبا.

وعلى كل حال قد صنفنا الفانتازيا في مقالة مخصصة لذلك,وتفرعنا إلى التصنيفات الدارجة تحتها. أما هنا فنحن نتحدث عن تصنيفات أخرى بعضها شكلية أكثر منها جوهرية. مثل العلاقة وثيقة الصلة بين الأدب الخيالي والأدب المصور (الفانتازيا والكوميكس) لأن الصورة تجسد الخيال. ولكن مرة أخرى ليس هذا موضوع مقالنا هنا. التصنيف الأكثر حضورا هو العلاقة بين الفانتازيا والخيال العلمي,والمجتمعة في نوع أميل للفانتازيا عن أي تخيلات علمية. والتصنيف الثاني الأكثر حضورا,أكثر ارتباطا بالماضي,أي الأساطير,وهي التي تشعل حماسي لموضوع مهم في الفانتازيا حول الأصول الفانتازية. وقد وضعت هذا في قلب دراستي عن الفانتازيا وربطها بالدراسات الثقافية.

بالنسبة لي فإن أي كتابة عن الفانتازيا لا تخرج عن الأدب أو شخصياته. أقصد هنا شخصياته الخيالية والحقيقية (الأعلام من الأدباء).

أما في الحديث عن الفانتازيا (أدبيا) فإن أي موضوع أدبي يشتمل حتما على حدث وحادث. وأقصد بالحادث هنا مسرح الحدث أي المكان. أو العالم / الواقع الخيالي (زمانا ومكانا). أما الحدث أو الأحداث فقد فصلنا فيها مقالات أخرى. أما عن الشخصيات فقد تجاورت مع الأشياء في سلسلة مختلفة من المقالات.

ومع ذلك تظل هناك مساحة نظرية عن مواضيع أخرى جوهرية في الفانتازيا. وقد اخترت منها سبعة موضوعات أساسية

1-الأصالة والتقليد

2-التخيلات البشرية

3-الخيالات الجامحة

4-الفانتازيا العربية

5-الفانتازيا والخيال العلمي

6-أنواع الفانتازيا

7-الفانتازيا

والتصنيف الأخير أبقيه لموضوعات الفانتازيا الأخرى,ومنها

-الأصول الفانتازية (في الديانات والأساطير والتراث الشعبي)

ولكن عند تقديم نظرة إلى كل ما كتبت أعلاه,أجد أنه لا يخلو من العبث والفوضى,وذلك راجع بشكل أساس إلى التصنيف الغربي للفانتازيا والخيال العلمي (على أنهما نوعا واحدا والرعب قد ينتمي لأحدهما بشكل أو بآخر).

ولكن لنتفق أولا على التصنيف الثلاثي رعب وفانتازيا وخيال علمي. وأن نميز بين كل نوع ونعطيه الاستقلالية التي يحتاجها أو التي يستحقها. بينما أدب الغرابة,واقع في العادة تحت واحد من الأنواع الثلاثة بحسب محتويات القصة ومسارها.

أما عن الكوميكس,والأسطورة,فما هي إلا تصنيفات شكلية,قد تشتمل على رعب أو فانتازيا, بل وعلى خيال علمي بحسب بعض المنظرّين الذين يمدون تاريخ هذا اللون الأدبي إلى جلجاميش!. وفي مجتمعنا المعاصر أوشك الخيال العلمي أن يصبح بدوره تصنيفا شكليا قادرا على احتواء جميع الأنواع الأدبية كما يشير (...) في كتابه عن فن كتابة الفانتازيا والخيال العلمي.

ولكن ذلك لا يمنع أنه عند تناولي لأي موضوع فانتازي,سوف أقسمه إلى حدث وشخصيات تتفاعل مع هذا الحدث (محدثين للحدث) حتى ولو كانت شخصيات مشخصنة (أي أنها ليست شخصيات بل جمادات أو مفاهيم تم تشخيصها. هنا أنا أوسع مفهوم الشخصيات الفانتازية ليشتمل على الشخصيات الحقيقية (مثل بعض الشخصيات التاريخية,ومثل كتّاب الفانتازيا) مثلما يشتمل على الشخصيات الخيالية. بل وجعلت تصنيفي مشتملا على الأشياء.

وهنا يجب أن أميز بين الحدث في نطاق الزمان أو المكان,وبين بعض الأماكن المصنفة على أنها أشياء. لذا جعلت الأماكن الوحيدة في الحدث هي العوالم الفانتازية الغير محصورة على مكان بعينه. وفيما عدا ذلك شخصنت الأشياء فحوّلتها إلى شخصيات.

إن شخصنة الأشياء هو انعكاس لشخصياتنا المركبة والتي تحتمل في اتساعها إدراج أي شيء وكل شيء تقريبا في نطاقها من خلال الوعي الإنساني. أن نشخصن شيء,لا أقصد به تحويل المسألة إلى صراع شخصي (وإن كانت المسألة شخصية هنا بالنسبة لجميع الأشخاص) بل أقصد به تشخيص الأشياء أي تحويلها إلى شخصيات. وهي ممارسة معروفة في الآداب الخيالية (وبعض مقاطع من النصوص الواقعية) ولازالت جارية إلى اليوم. ولكني هنا لا أقصد ممارسة منسوبة إلى مؤلف بعينه,بقدر ما أركز أكثر على الهالة الثقافية التي نسبغها على شخصيات من غير البشر. إن وجود شخصيات من غير البشر معناه وجود شخصيات ذات استقلالية,وتفرد,ووعي بذاتها (حتى ولو كان هذا الوعي مجرد انعكاس لوعينا بذواتنا). هذا الوجود لا يوجد إلا في نوعين من الشخصيات (على حد علمي لا يوجد أي نوع ثالث حتى الآن).

النوع الأول هي الشخصيات البشرية وشبه البشرية. وقد يشتمل هذا النوع أيضا على شخصنة بعض المفاهيم والأشياء أو التصورات المجردة.

النوع الثانية هي الشخصيات المشابهة للبشر من خلال عقلنتها أو شخصنتها من أشياء (جمادات) أو حيوانات.

وهو ما نتناوله تفصيلا في دراسة لاحقة.

أعتقد مقال كان أو ينبغي أن يكون جزء من مقالة

تحطيم الخيال