إلى مخلفات أرحام بعض النساء نهدي إليكم تلك الرواية التي أحكمت تفاصيلها ب " سوتيان " أثداء أمهاتكم المسرطنة ومع تجرع آخر سطر منها سيقذف بكم في مراحيض الجحيم.
لعنة إرم تلك الأرض التي سُقيت بالمعاصي والذنوب كؤوسا، إرم مدينة الخطايا ومنبع بذور الشر التي لفظتها الأرض من أحشاءها، وسعار الذنب الذي لحق أفكارنا المريضة.
أثار الكاتب داخلنا فيضانات من الفكر والتساؤلات، وتركنا نعيش حالة من الصراع مزج فيها الكثير من الألغاز المحيرة ووضعها أمامنا وما كان لنا سوى العبث بين كلماته وأفكاره لنكشف الستار عنها.
لعبة محكمة الذكاء قادتنا بين سطورها، وفتحت أمامنا نافذة تطل منها يد الحقيقة على واقعنا، كقراء لهذا العمل قد نظن الحكاية خدعة، فكرة خيالية نسجها أديب بارع، والحقيقة إننا في نهاية هذا العمل سنرى الواقع متجسد بين وجوها كثيرة، منها من سنتعرف عليها وأخرى ستقذفها أقدامنا عبثا بها.
صراعا أخلاقي وديني ونفسي، فوضى الأفكار وعبثية المنطق، عندما نرى تخلل مرض فقر الأخلاق ينتشر في مجتمعنا وقد جسده لنا الكاتب داخل أحد أبطال عمله "ليلى" تتصارع الشخصية هنا لنيل صفعة محرمة وهي تمضغ الخطيئة بين أنيابها ثم تهضمها في جوف من حميم.
ذنبا يتغلل من حولها يرتديها كغلالة نسجت بين روحها لتدمر ما تبقى منها، لنجد بركان الغضب يشق الأرض ليبتلعها هي وخطئتها المحرمة والتي شاركها فيها الطرف الثاني من تلك الجريمة "الأب" لتعلن السماء والأرض غضبهما عليهما.
"كثيرا ما نغمض أعيننا عندما تعلو بنا أرجوحة الحياة وحتى لا نقع نتمسك بكل شيء قد يظنه عقلنا القشة التي سننجو بها"
لم تكن الرواية مجرد كلمات حملت بين طياتها معنى مخزي قد راه البعض بغيضا من عنوانه، وليس ترويجا لحبرِ خطّ وسُكب بين أوراق بيضاء هباء
أفتعل الكاتب شجارا داخل عقولنا لنرى من خلاله صورة لتلك الحياة التي نعيشها من خلف الستار مدعين الفضيلة الكاملة التي لا وجود لها سوى في أذهاننا ظنا أنها الحقيقة الكاملة ولكنها ليست كذلك ... روض الكاتب أفكارنا ليقودنا إلى غرفة مظلمة تفوح منها رائحة الحقيقة لنكتشف من خلالها مدى العفن الأخلاقي الذي نغوص فيه.
أحكمت الرواية كل أبوابها على قضية مهمة وحملت شخوصا عدة وكلُ منهم حمل قضيته بين كفيه... شخوصا قد نراهم بعيدين جدا َ، ولكنهم في ذات الوقت ملتصقين بنا يعيشون بيننا كالظلِ.
ريم وخالد إحدى شخصيات العمل كفتان يحملان ثقلا لصراع دام داخل كل منهما، ريم الفريسة الضعيفة
التي كشفت خبايا اللعبة التي أوهمتها الحياة بها، رحيل والدتها، تخلي والدها عنها، ورسم كذبة عاشت عليها سنوات طويلة.
ليلى فتاة تختبئ وراء صراع شقيقتها، ينهش الجنون والغيرة مخيلتها، تعيش بين أحضان الرزيلة، كانت تمثل سعار الذنب الذي حملها وجعلها تتخبط بين جدران الحقيقة، عندما تتعثر حياتها بشخصية الطبيب أمجد الذي كان بؤرة أمل لاستخراجها من ذلك المستنقع ولكنه لم يفلح.
تقف ريم على أرض تدعي الفضيلة، ووجوها تراها بين أحلامها تحاول أن تهتك ما تبقى منها
صراع، جنون، كذب وادعاء والحقيقة تنسدل من بين أحلامها، لتسقط على الأرض مدوية انفجارا انتبه الجميع إليه ليفيقوا من غفلتهم
القى الكاتب الضوء على عدة قضايا حساسة وكان أهمها ( زنا المحارم) مما فتحت لنا عدة نوافذ ولكنها أسقطتنا داخل فوهة أحدثت دويا عاليا بين سطور روايته، وغطاء تم كشفه عن خبايا وأسرار تم نسجها بكلمات وأسلوب أدبي زاد من اتساع الفجوة، وعمق المضمون، ومنها كيف يصبح الأنسان شيطان نفسه؟
أن تقع فريسة للشيطان داخلك ويتحول العبد إلى سيد تقوده نفسه إلى كل ما هو أسوأ. حتى يصل به الأمر لنبذه من فوق الأرض ومن تحتها، تتقياه ديدانها وتنفر الأرض جسده فأي ذنب ارتكبته تلك الروح؟
كلمات شُق منها جحيم فكر ورؤية وأخلاق
سلسلة متواصلة عُقدت بحرفية نقلت الواقع بجرعة مسمومة وجعلتنا نتذوق الجحيم في كوب من العسل ليتركنا أمام أكثر جمله ذكاء
(وفأر أراد الحياة لنفسه فجعل من القط حارسا له.. وغزال لسعته قسوة البرودة فنام في حضن أسد جائع)
لترحل الشمس إلى مخدعها حاملة معها خطايانا وتتركنا قابعين داخل الظلام بفكر خاوي إلا من شيطان يتربع ينتظر كيف سنلهو معه فاليوم التالي
وينهي الكاتب رسالته بصرخة علا صوتها بين أرواحنا، وأفكارنا ليهدي كلماته:
إلى مخلفات أرحام بعض النساء نهدي إليكم تلك الرواية التي أحكمت تفاصيلها ب " سوتيان " أثداء أمهاتكم المسرطنة ومع تجرع آخر سطر منها سيقذف بكم في مراحيض الجحيم.