أرى أننا نتّبع طريقة خاطئة في اختيار الكتب لقرائتها

الأمر مرتبط حسب رغبات كل إنسان وأهدافه من القراءة, فليس الكل يقرأ من أجل الثقافة والأدب بل هناك من يقرأ للترفيه لاغير, تماما كمشاهدة البرامج, فليس الكل يرغب في مشاهدة البرامج الوثائقية أو الأفلام الحاصلة على الأوسكار, هناك من يفضل الأفلام التجارية والبرامج الترفيهية.

أختلف معك اختلافًا شاملًا في هذا الأمر يا صديقي، فأنا أرى أن كلا المصدرين لا يصلحان للتعامل معهما كمصادر معاصر للقراءات في الوقت الحالي. إننا نعتمد على الإنترنت قلبًا وقالبًا في مختلف الترشيحات المتعلّقة بالقراءة، فنسبة الكتب التي نجنح إلى قراءتها من خلال الإنترنت بالنسبة إلى البقية قد تتعدّى الـ90% من نسبة الترشيحات.

لدينا العديد من أشكال الترشيح، والتي أصبح معظمها يتم من خلال الإنترنت، بطرق متعددة، مثل البوكتيوبرز وصفحات دور النشر والإعلانات المموّلة للمكتبات ومنافذ البيع.. إلخ. أمّا بالنسبة للمكتبات العامة ومنافذ بيع الكتب، فالأمر أصبح مقتصرًا بشكل ملحوظ على أعداد قليلة جدًّا لا تقارن بالقراة الإلكترونية والترشيحات عبر الإنترنت.

كثير من الناس يتماشى مع السائد في وقته حتى في القراءة، فهم لا يحبون أن بستفيدوا، ولا يحبون القراءة للقراءة كذلك، بل هم يقرؤون حتى يقال عنهم قراء ومثقفون، يقرؤون حتى لا يظهرون بمظهر الجهال، يقرؤون حتى يقال أنهم صفوة المجتمع.

معظم من يقرأ الآن يأخذ ترشيحاته من جروبات الفيسبوك مثلاً ومن ثم يذهب ويبحث عنها في المكتبات، وبما أن معظم الناس يخافون من أن يدفعوا مالاً في شئ ردئ لا يستحق القراءة، فهم لا يجربون أن يختاروا كتباً بأنفسهم، خوفاً من المجاذفة بالمال.

بل يبحثون عن ترشيحات في الجروبات والصفحات، وبتلك الطريقة انتشرت مجموعة من الكتب والروايات لا يتجاوز عددها ال ٢٠٠ كتاب ورواية يسيطرون على الساحة، ولا يخلوا أي منشور يطلب فيه صاحبه ترشيحات للكتب من عشرات التعليقات التي ترشح بعض الروايات، وقد تكون تلك الروايات أو الكتب رديئة فعلاً مقترنة بما لم يشتهر. بل هي كذلك بالفعل.

ولكنني لا ألقي باللوم على أصحاب المكتبات الذين لا ينشرون إلاّ المطلوب او الذي يكون الكلام حوله والترشيحات في نصيبه، فالمكتبات فبالرغم من أن المكتبات لا بد أن تكون "راقية" حيث أنها تبيع الثقافة بمبلغ زهيد، إلاّ أنها في النهاية مشروع تجاري يهدف إلى الربح، فتبيع ما يطلبه الجمهور حتى تحقق أكبر قدر من المبيعات، لذا لا يمكن ان نلومها لذلك.

إنما اللوم على القارئ الذي "يستسهل" ويطلب مع من يطلب، دون ان يفكر في مرة ان يجرب أن يختار كتاب بنفسه، او يستكشفه عن طريق قراءة المقدمة او نبذة عن الكتاب، بل يمشي مع موجة الروايات التي اشتهرت بالفعل، وقد وقعت في هذا الخطأ من قبل، إلى أن أصبحت أختار الكتب التي أشتريها بعناية.

كما أنني لا أثق كثيراً في مصطلح "الأكثر مبيعا" ونادراً ما يكون الكتاب المكتوب عليه تلك الجملة مفيداً لي.

بالنسبة لرواية أرض زيكولا، فهي ليست سيئة أبدا بل إنني أرشحها لأي صديق يريد أن يدخل عالم القراءة نظراً لبساطة اللغة وجمال الحبكة ومتعة القصة، وقد رشحتها من قبل لأكثر من صديق کبداية للقراءة وليس نموذجاً لما ينبغي عليه قرائته طوال عمره.

وقد كانت أرض زيكولا هي اول رواية قرأتها وقد جعلتني أحب عالم القراءة وبعد مرور وقت أصبحت أقرأ كتبا اكثر ثقلا ً وأثقل فكرة.

لذا انصح اي قارئ أن يجرب ان يختار كتباً بنفسه وإن كان يخاف المجازفة فعليه أن يأخذ نبذة عن كل كتاب عن طريق ال bdf قبل شراء الكتاب، فإذا أعجبه اشتراه، وربما فيما بعد يرشحه لغيره.

 أرض زيكولا وأنت لي وكتب أدهم شرقاوي أو روايات أحلام مستغانمي رأحمد خالد توفيق 

بداية اعترض على وضع اسم دكتور احمد خالد توفيق بجوار هذه الأسماء ومقارنة أدبه بأدبهم. الرجل كاتب عظيم أثر في جيل بأكمله، ساعد على زيادة وعيه وثقافته، وكان سببًا في جذب فئة ضخمة إلى عالم القراءة.

نأتي لموضوع المقال ... فلنتفق أولًا على أنه لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، وأنه من البديهي ألا يكون هذا الكم الكبير من القراء يتفقون على أسباب حبهم للقراءة، فمنهم من يقرأ لأجل الثقافة والوعي، ومنهم من يقرأ لأجل الترفيه.

ان ترشيح الأعمال عامة، والكتب الأكثر شيوعًا، وقراءتها من الجميع أمر له سلبياته وايجابياته بالطبع، ولكن تأثيره لا يكون اجبارًا لأحد على القراءة، وخاصة أنه وكما يوجد من يرشح الأعمال الركيكة، فهناك كم أكبر من القراء يرشح كل ما هو مفيد وقوي وذو فائدة. إذا فهذا اختيار البشر.

المكتبات العامة بالطبع مكان رائع للتعرف على الكتب، ولكن في محيطي مثلا كل المكتبات العامة لا توفر سوى بند الاستعارة، لا يوجد شراء وهذا امر لا يناسبني بالطبع، ومن ثم سأتجه إلى متاجر الكتب واقتني ما احب، مع العلم أن هذه المتاجر تبيع كل أنواع وأصناف الكتب، وليس الرائج وفقط