قبل أيَّام رأيت كريستانو رونالدو يُستبدل من المباراة عند الدقيقة السبعين، وقد كان غاضبًا من هذا التبديل وكان يريد البقاء في الملعب واكمال المباراة، حتّى لقد جلس المدرِّب إلى جانبه وحاول التخفيف من عصبيته. فُهم هذا الموقف على أنّه اصرار وعزيمة، لاعب بعمر 36 سنة يملك عقلية انتصارية، ويحبّ دائمًا أن يكون موجودًا في الملعب.

كريستانو أيضًا يُشاع أنّه يعمل بعد التدريبات منفردًا على لياقته البدنية، ويُنظر لهذا الانضباط بعين الاعجاب من قبل مشجعي كرة القدم.

لكنِّي أتسائل، لماذا لا نقتبس هذا من كريستانو وغيره من المشاهير؟ ولا أعني أنّ نكون في مستوى انضباطه في حياتنا، فهذا المطلوب، لكن لماذا لا ننظر للآخرين بنفس ما ننظر لكريستانو؟ لماذا لا نُقدِّر نفس الاصرار عند أناس نعرفهم في الواقع، وأقلّ من كريستانو شهرة ومالًا؟

لو رأيتَ طالبًا يقرأ في يوم عطلة أو عيد، أو يذهب بعد انتهاء المحاضرة إلى المكتبة لوضع ساعة اضافية من الدراسة لتطوير مستواه، ولو رأيت قريبك الذي في يوم عزيمة ولقاء عائلة، يصطحب معه كتابه، هل ستنظر له بنفس التقدير الذي تكنّه لنفس القصص عند المشاهير؟ أنا عن نفسي قد لا أفعل هذا في أحيان كثيرة، وقد يصفه غيري بالمعقّد والنيرد!

في 2019 كنتُ أشاهد مباراة تنس بين رافائيل نادال وروجر فيدرر، وهما من أكبر أسماء هذه اللعبة، وكانت المباراة لا تفوتُ على متابع رياضة، وقد فُجع قلبي ذلك اليوم بخسارة نادال، لكنّه قد لفت انتباهي صبي صغير، وضعت الكاميرا الصورة عليه وكأنّها تقصدُ هُزءًا، كان يقرأ كتابًا وهو في مدرّجات الملعب. هذا الصبي أصبح مادة للسخرية بعد تلك اللقطة.

أنا لا أقول أنّ تصرّفه صحيح، فنادال كان يُرسل للبقاء في المجموعة والجوّ عصيب والموقف حرج، أما لك قلب يا صغير؟ ولا أرى حضور مباراة كبيرة من هذا النوع ولا أجوائها ينسجم مع قراءة كتاب، لكن لو كان مثلًا اليون ماسك أو بيل غيتس يقرأون الكتاب في مدرجات نفس هذه المباراة، هل كان يُنظر للموقف بنفس السخرية؟

لا أعرف صراحة ما الذي يتطلّبه الأمر لننظر إلى الناس البُسطاء بنفس عين الاعجاب التي نخصّها للمشاهير، وأيًّا كان الحل، فأوّل الدواء معرفة العلّة!