أصدقاء حسوب لدي سؤال افتتح به هذه المساهمة .. ألم تمر عليك يوماً أبياتاً شعرية ما، ولكنها لم تمرّ مرور الكرام بل فضلت التغلغل والإلتصاق بذهنك، وظلت تداعب حبل أفكارك طويلاً وكأنها حفرت بداخلك ؟

لقد مررت بهذه الحالة لأكثر من مرة، فالشعر عالم مليء ببديع الأبيات التي لها تأثير السحر على الحواس، ومن الأبيات التي كان لها وقع مختلف عليّ هذا البيت الذي قرأته صدفة، وهو للشاعر جاسم الصحيح :

وعَلَّمَني السقوطُ ببئرِ نفسي
 بأنَّ الماءَ في الأعماقِ أَحْلَى

باغتني هذا البيت فجأة، وواجهني بهيئته اليتيمة هذه، ولكنني لم أتكبد عناء البحث عن مستهله أو تكملته أو قصته حتى، لأنني كنت منشغلة بتذوقه، بتفسيره، بالإحساس به، حتى شعرت أنني قد كونت فهمي وتفسيري الخاص .

السؤال الأول : ما هو هذا العمق الذي يرمي إليه البيت السابق؟

شعرت أن البيت مرتبط ارتباطاً وثيقاً بما أقوم به طوال الوقت وبما أوليه أكبر الاهتمام، ألا وهو التعمق في النفس وفهمها، ففي فترة كانت تتسم فيها حياتي بالعبثية قررت أن أتعرف على نفسي لأول مرة، قررت أن أفتح الباب وأرحب بي، وأن أقضي عمري بالبحث عن إجابتي الخاصة لسؤالي الخاص : من هي تقوى؟ هل سبق وأن طرحت على نفسك سؤالاً شبيهاً ؟

النفس بئر وحتى تصل إلى عمقها لابد من أن تمنح نفسك الإذن والإمكانية للسقوط والمواجهة، لابد أن نسعى بكل جوارحنا نحو حقيقة ذواتنا، نفهم أنفسنا ومشاعرنا، هواياتنا ورغباتنا، وأفكارنا واهتماماتنا، ما يغذينا ويمنحنا الطاقة والسعادة، هذا ليس كلام نظري منمق مصدره كتب تطوير الذات، هذا ما أقوم به وما أشعر به وما أسعى له.

كنت أقول: لماذا لا يفهمني الناس .. حتى فطنت أنني لم أكن أفهم نفسي فكيف سيفهمني من حولي، مررت بالعديد ممن هم أقرب الناس إليّ، وصلوا إلى مرحلة الثانوية أو الجامعة وليس لديهم هدف واضح يسعون له، لا يفهمون رغباتهم، ويوكلون مهمة الاختيار المصيري في أهم القرارات لغيرهم ! لماذا هذا الجهل بالنفس، لماذا تفضل معرفة نفسك معرفة سطحية كما تتعرف على الناس من حولك وتقتصر معرفتك على رغباتك وحاجاتك وواجباتك فقط ؟ أليس لنفسك عليك حق ؟

ما رأيكم أنتم أصدقاء حسوب، كيف يكون السقوط ببئر النفس وما هي نظرتكم للبيت الشعري أعلاه ؟