حبُّ السلامةِ يُثْني همَّ صاحِبه
عن المعالي ويُغرِي المرءَ بالكَسلِ
فإن جنحتَ إليه فاتَّخِذْ نَفَقاً
في الأرضِ أو سلَّماً في الجوِّ فاعتزلِ

حب السلامة والكسل وجهان لعملة واحدة، أو عنصران تجمعهما علاقة سبب ونتيجة حسب الطغرائي، فهو يخبرنا أن حب السلامة والاستقرار كثيراً ما يثنينا عن المعالي والسعي ويغرينا بالكسل والقعود، والخوف من المخاطرة ثبط الكثيرين عن اختيار الخطوة الأولى نحو طريق شاق نهايته لامعة، هل توافقونه الرأي ؟

ماذا عني، بربك يا أخي لا تسألني أنت تعلم بأن إجابتي ستكون "نعم"، حسناً لنعد إلى محور نقاشنا .. لقد شاركنا الطغرائي مشكوراً المشكلة وأسبابها ولكن ما الحل؟ يقول لنا شاعرنا ناصحاً في البيت الذي يليه أن إذا اخترنا الكسل فعلينا الاعتزال بعيداً عن البشر في نفق في الأرض أو في مقعد في السماء .. مهلاً هل يسخر منا أو يوبخنا؟ هذا ما شعرت به .. ولكنه محق !

وتأتي الحكمة في الأبيات التالية والتي يقول فيها :

ترجو البَقاءَ بدارِ لا ثَباتَ لها
فهل سَمِعْتَ بظلٍّ غيرِ منتقلِ

الحركة والتغيير من صفات هذه الحياة فلماذا نبحث عن الثبات فيها والإستقرار، لماذا نقنع بنصيبنا من الكسل ونتخلى عن السعي والمضي قدماً، أنت تحلم وغيرك يحلم والفرق بينكما أنك تخصص وقت النوم للأحلام بينما يسعى الآخر لحجز مكان في حياته لأحلامه مهما كلفه ذلك، فهو يعلم أن لكل قرار ثمن سيدفعه وآخر سيقبضه .

لابد من تجرع كاسات الألم وويلات الخسارة أثناء رحلتنا صوب المعالي، لابد من التعثر والسقوط أثناء صعود سلم الحياة، فلا تجزع من عواقب الحياة فهي لم تخلق للراحة ولا يمكن أن توفرها لك مع ضمان مدى الحياة .

الخوف سرق منا تجارب عدة، ليست كلها خطيرة ومؤذية كما صوّرها لنا عقلنا المتعطش للخمول، ولكن كان بها نسبة من الشقاء كما هي عادة الأشياء، فلنحاول بجدية السيطرة على مخاوفنا المتسلطة ونحاول أن نجرب ذلك الأمر الذي كلما تقدمنا إليه بشغف عدنا أدراجنا مستسلمين .. ذلك الأمر الذي خطر ببالي وبالك أنت أيضاً أيها القارئ العزيز .

لامية العجم من القصائد الرائعة جداً، وقد أشارككم عدداً من الأبيات مستقبلاً لنتناقش في مضمونها سوياً وحتى ذلك الحين أنتظر منكم إجابة على سؤالي التالي : هل سرق منكم حب السلامة خوض غمار تجربة وددتم لو جربتموها؟ وما رأيكم حول الأبيات ؟