لا أملك وقتاً للصلاة! أتسائل كيف ما زال يصلي الناس في وسط عالمنا المزدحم؟

دائمًا أشعر أنني مشغول، أقرر الصلاة عند الانتهاء من أشغالي ولكن دائماً ما تفوتني صلواتي!

في هذا العالم نحن ننتظر أمراً من السماء حتى تستقيم حياتنا، نعيش في عالم صنعناه لأنفسنا يسمى "يوماً ما" وفي هذا العالم اللغة الرسمية هي الأعذار.

 نملأ ذهننا بالأفكار التي تدفعنا لتجنب الصلاة; فنحن ربما نناقش في داخلنا فكرة اننا متعبون، أو أننا نعمل لساعات طويلة.

وفي الوقت ذاته نحن على استعداد تام على أن نستيقظ في وقت صلاة الفجر لنلحق موعد الطائرة! أو لنلحق موعد المقابلة للتقديم في وظيفة جديدة! قد تستيقظ لذلك من غير منبه! وهذا كله نتاج الأفكار التي تدور في رأسنا وإن بدت علينا ملامح الصمت.

يظن الكثير أن عدم أداء المهام المطلوب إنهائها هو راحة، فيفضل البعض "عدم الصلاة" على "أداء الصلاة" ظنًا منهم أن "عدم الصلاة" يجلب الراحة حتى وصلوا إلى حالة إدمان اللافعل.

لكن الحقيقة أن المجهود النفسي المبذول لـ(عدم الصلاة) يُعادل أو يكاد يكون أكبر من المجهود البدني المبذول لـ(أداء الصلاة)، بل إن "أداء الصلاة" يدخل في دائرة الأنشطة التي تجلب السعادة بمجرد الانتهاء منها، في حين أن تبعات "عدم الصلاة" تجلب الضيق وتحقير الذات. 

العقل مثل بقية عضلات الجسد، فكما أن عضلات الجسد تنمو وتقوى بالتدريب والتكرار، كذلك العقل يُنمي فكرة معينة أو اعتقاداً معيناً بالتكرار، فيقتنع بها وكأنها حقيقة. 

وهنالك قاعدة نفسية تقول: "أيًّا كان اعتقادك بأنك سوف تنجح في أمر ما أو لن تنجح فيه فأنت على صواب في الحالتين" 

وهذا يدفعنا الى التعامل الحذر مع الأفكار التي تدور في رأسنا، لأن عقلك مثل التربة التي تقبل زراعة أي أنواع من النباتات، أي شيء تبذره فيها ستحصده، فهو يقبل أي أفكار تزرعها فيه دون أن يجادلك أو يسألك ما إن كانت هذه الأفكار صحيحة أم خاطئة، بناءة أم هدامة، ومع مرور الوقت تصبح هذه الأفكار هي من تُشكل عاداتك وسلوكك.

يكفيك أن تعلم أن سلاح إبليس الوحيد هو الوسوسة، وما الوسوسة إلا التأثير السلبي على الأفكار، لذلك عليك أن تحمي عقلك من الأفكار السلبية والهدامة وأن تستبدل بها دائمًا أفكارًا إيجابية بناءة. 

وهذا الصراع يمتد على جميع نواحي حياتك فأنت لا تستطيع أن تنجح في أي أمر إلا إذا اعتقدت أولًا أنك تستطيع أن تنجح فيه.

وهنا ينبغي الحذر من كل ما يؤثر على الاعتقادات والأفكار، أثناء قراءتك للنص تذكر كم مرة شعرت فيها بالإحباط أو الضيق أو الحزن بسبب كلام سمعته من شخصٍ ما، وتذكر أيضاً مرة شعرت فيها بالامتنان أو السعادة بسبب كلمة قالها لك شخصُ ما، سواء كان هذا الشخص صديقك أو أحد أفراد عائلتك أو حتى لا تعرفه. 

يمكن لكلمة يقولها لك أي إنسان أن تؤثر على شعورك بدرجة كبيرة لذلك قال سيدنا محمد (ﷺ): "والكلمةُ الطيبةِ صدقةٌ"; لأن الكلمة الطيبة لها تأثير بالغ على من يستقبلها. 

كذلك الكلام الذي تُحدث به نفسك في صورة أفكار يؤثر عليك بنفس الدرجة حتى وإن كنت صامتًا ظاهريًا، فيمكن لحديث النفس أن يجعلك تشعر بالسعادة أو الحزن، بالأمل أو الإحباط، بالامتنان أو التذمر، فالأولى أن تتصدق على نفسك وتُحَدّثها بالكلام الطيب. 

حيث أنه في علم النفس يوجد مفهوم حول الـ Self-Talk ويستخدم أطباء النفس تقنية يسمونها التوكيدات الايجابية - Positive Affirmations التي تعالج حالات الانطواء وفقدان الثقة والاكتئاب، وهي نفس التقنية التي يستخدمها معظم الناجحين خلال قراءة سيرهم كـ محمد علي كلاي إنموذجاً. 

لذلك علينا دائماً زرع أفكار وعبارات إيجابية حول الصلاة تكون جاهزة لمواجهة حديث النفس الذي يوسوس لك مع كل وقت صلاة. 

———————

الاستفادات:-

1-تعلّم عن الله كل يوم، ولو بواقع ربع ساعة يومياً. 

(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) 

تذكير نفسك بصفات الله؛ عفوه، ورحمته، جبره، عظيم ألطافه. فالتذكير، والذكر غذاء الروح كما الطعام غذاء الجسد. 

2-غيّر الأفكار التي في ذهنك، لأن ما يُلقى عليك من كلام سواء ما حدثه لك غيرك أو ما حدثتك به نفسك له تأثير كبير عليك فكم هو مقدار المسرّة والفرح عندما نسمع من يمدحنا وكم هو مقدار الحزن عندنا نسمع من يذمنا لذلك قال رسولنا الكريم (ﷺ): "والكلمة الطيبة صدقة"؛ لأن الكلمة الطيبة لها تأثير بالغ على من يستقبلها، والأولى أن تتصدق على نفسك وتُحدثها بالكلام الطيب؛ لأن سبيل الشيطان الوحيد هو الوسوسة أي تغيير هذه الأفكار والقناعات التي في ذهنك الى أفكار سلبية وهدّامة.