مشهدٌ للقتل لا يمكن أن أراهُ فناً، ما الذي أقوله؟

أيّ حاول كفنان أن لا تُجمّل القتل، بل أن تستعرضه، أن تقوم بواجبك كإنسان قبل أن تُغلّب واجبك كفنان، هُناك مجتمع يؤثّر وهناك مجتمع يتأثّر، تلك العلاقة التي نعرفها جميعاً، العلاقة بين الفنّان والمجتمع، ما هي أبرز سماتها برأيي؟ أن لا تكون عاملاً مُحرّضاً نهائياً. 

لا عامل مُحرّض على الفضيلة والتبشير ولا على الرذيلة والقتل، كيف يكون ذلك فعلاً في حكايات يجب أن تستعرض كُل ذلك وبتفاصيل الأمور؟ العملية سهلة وصعبة في ذات الوقت، السهولة أنّها استعرضٌ كامل، لا قيود فيه ولا محددات، فأنت لا تخفي من المُجتمع ولا تضيف إليه، الأمر الذي تقوم به: الاستعراض والتمثيل، والكلمة الأصح هي الكلمة القديمة للتثميل: التشخيص. 

وهذا التشخيص يقتضي منك كإنسان فنّان أو كمخرج أيضاً أن تُقرفني من مشاهد القتل وتحببني بالعكس منها، يقول رولان بارت الفيلسوف والناقد الأدبي الفرنسي المشهور: الفن هو مبالغة للواقع. إذاً لا ضَير فنّي في مبالغة الحرب، أي أن أجعل الصورة تُقرف العمل وكل فعل منه قد يكون مؤذياً بفظاعة ومأساوياً بشكل كبير.

مثلاً بمشاهدة Dunkirk للمخرج الكبير كريستوفر نولان وعلى جمال الفيلم لم أشعر بذلك، ربما بسبب جماله وهذا موضوع حديثنا، لقد صنع حرباً لا يُمل منها، حرباً تُنشّط الأعصاب ولا تهدّها، مساراً جميلاً من الحكاية وصورها، سرديّة يُتعلق بها، نسي واجبه كإنسان رُبما بأن يجعلنا قلقين من الحرب لا مُنجذبين إليها على الأقل بالسينما.

انتبه الممثل نور الشريف إلى هذا في حياته المهنيّة كممثل وكرجل يفهم في الدراما والحياة أيضاً، له خلفية الإنسان والفنّان وأشار إلى رغبة الشرّ الكامنة في نفوسنا، قال مرّة مع المذيعة منى الشاذلي أنّهُ يتوق لتمثيل مشاهد القتل والحرب أو أي أمر عنيف لما فيها من تنفيذ أمور لا يقوم بها الشخص عادةً ونوّه على أنّ هذه الأمور بالسينما جميلة ومغرية أحياناً للشخص! هذا شيء مُرعب خاصّة إن كنّا قد بدأنا بالتحقق من الجرائم والعنف المُتحصّل بسبب ألعاب الفيديو والسينما. 

لذلك على صانع السينما أن يأخذ باعتباره هذا الأمر لصناعة قتل مُقرف (كحقيقته) وحرب ظالمة مُعيّية للنفس والروح. أخيراً هل توافقني الأمر؟ أم تشعر أنّ المُبالغة بإظهار مساوئ حرب أو عنف في فيلم ما هي ليست من وظيفة الفنان؟