التاريخ يعبر عن أحداث و وقائع حصلت و انتهت و لم يبقى منها سوى بعض الآثار أو بعض ممن وثقوا الأحداث بالكتابة .. و لكن مع تطور وسائل الإعلام و التصوير الحديثة و كاميرا الفيديو .. بات من الصعب تزوير و تحريف نقل الوقائع لأن الآلة لا يمكنها أن تكذب أو ترتاب أو تزيغ في الإلتقاط و في نقل جميع ما يحصل في مكانه و زمانه الفعليين .. بل هي تضعك مباشرة أمام الحدث و لك أن ترى و تحكم بنفسك و ليس باستعارة رؤية و أحكام أشخاص آخرين عايشوا و عاصروا الحدث بحيث لا تمتلك بيدك أي دراية كافية إن كانوا موثوقين صادقين في نقل المشاهد كما جرت في الحقيقة أو لا .. كما أدى كذلك ظهور ما يسمى بتأريخ عمر الآثار القديمة عن طريق قياس عمر الكربون المشع إلى إحداث تغييرات في مجال التحقيقات التاريخية و التأكد من صحة بعض الروايات عن أعمار بعض التحف و المخلفات المادية و عن الحقب التي تم اكتشافها فيها ..

لذلك يمكننا أن نقول أن تطور العلم و تكنولوجيا التحقق الحديثة قد ساهما في إعادة إجراء تحقيق للمعطيات و الروايات التاريخية التي قد تم تقديمها لدارسي التاريخ ..لقد هدف العلم إلى عدم ترك أي مجال للأشياء التي تحتمل الإرتياب كي يستغلها أصحاب الأهواء الخاصة في التلفيق و الحشو و اختلاق القصص و تصديرها لعقولنا على أساس أنها قد حصلت بالفعل عبر التاريخ .. من المهم جدا أن لا نستهلك التاريخ قبل أن نكون على دراية إن كان حقيقي أم مزيف ..