"الكارثة التي تخشاها في علاقتك مستقبليًا.. حدثت وانتهت في الماضي"
في ستينيات القرن الماضي، الطبيب والمحلل النفسي جون بولبي، وضع أساسات نظرية التعلق بين الأفراد في العلاقات، وربط بينها وبين أسلوب التنشئة، وطريقة استقبالهم للمشاعر في الطفولة، على أن تكون الأنماط الثلاثة هي: أمنة- قلقة- تجنبية.
في الحقيقة، العلاقة بين النمط القلق والتجنبي وثيقة جدًا، كون كل طرف يحصل تحديدًا على ما يعزز نمطه من الطرف الآخر، فمثلًا، نبدأ بالشخصية القلقة: هي تريد أن تتأكد دومًا من حب الشريك (حتى باختبارات البعد والقرب)، تريد القرب منه باستمرار، تخشى أن تكون سببًا في أي مشكلة بينهما، تميل إلى التعلق والتقرّب المستمرين، بمعنى إنها دائمًا وأبدًا تسعى للحفاظ عليه بكل طريقة ممكنة لأنها تخشى الوحدة أو فقدان الشريك، على الناحية الآخرى نجد صفات الشريك التجنبي العكس التام لذلك، هو أيضًا يخشى فقدان الطرف الآخر ولكن بأسلوب مختلف.
الشخص القلق، يتساءل باستمرار ليعالج عاطفته، أما التجنبي، ينفصل باستمرار ليعالج نفس العاطفة.
الشخص التجنبي لا يعرف كيف يتعامل في العلاقات القريبة جدًا، بل يخشاها لأنها تشعره بغياب الخصوصية، والتطّلب من الطرف الآخر، وكلما حاول الشريك التقرب أو طلب الأمان، يسعى التجنبي إلى الانعزال أكثر والانفصال عن تلك الحالة، بل النفور أحيانًا من الشريك كونه (Needy)، هذا نتيجة لنمط التعبير عن المشاعر أو الانفصال العاطفي في طفولته، والنتيجة هنا في العلاقة بي الاثنين، هي شعور الشخص القلق بأنه غير مرغوب في العلاقة، بل أن الشريك يبحث عن مخرج ولا يبادله أي مشاعر، فيقرر أن قطع العلاقة هو الأفضل، على الناحية الأخرى التجنبي يجد في ذلك تهديداً للعلاقة، فيعود ليوفر جزء من الأمان الذي يحتاجه الشريك، ثم يبدأ النمط مجددًا بين القرب الشديد من طرف والانفصال والنفور من الآخر.
لا يوجد عيوب حقيقية في الطرفين، ولكن الصراحة بينهما هي الفيصل، فلو أنني شخصية تجنبية، من الأفضل أن أصارح الشريك بذلك حتى نصل إلى الطريقة الأنسب لنا في التعامل، فمثلًا عبارات: "أنا أخشى القرب المفاجئ، ولا أعرف كيف أتعامل معه سوى بالبعد المؤقت أو الرغبة في الانفصال، كوني لا أعرف كيف أعالج فيض المشاعر" هنا تبدأ مرحلة التفاهم، ويدرك الشريك أن "قلقه" بشأن عدم الاهتمام، أو الرغبة الشديد في التقرب المفاجئ، قد لا تكون الوسائل المناسبة للتعامل، والعكس بالعكس طبعًا.
فهل تجدون أن المصارحة بتلك الأنماط بين الشريكين وسيلة فعلًا لإصلاح العلاقات وتحسين جودتها، أم أنها قد تكون سببًا للنفور بين الشريكين؟
التعليقات