الإنسان وجد نفسه عبر تاريخ تايه فى الحياة بدون معرفة سبب وجوده و ضعيف بدنيا فى مواجهة صعوبات الحياة فكان لازم يلاقى إجابات تدعمه نفسيا و فى نفس الوقت تكون بمثابة طريق مرشد ليه .
مخيا عشان الإنسان يفضل يستمر فى الحياة بينشأ أطر مرجعية معرفية بتساعده على سرعة التعلم و سرعة التصرف .. فمثلا لو فرد إتعلم قيادة السيارات مع الوقت هتكون القيادة بشكل لا واعى طالما مفيش ظروف جديدة مستجده لإن عملية التعلم و الخبرة السابقة إتسجلت فى المخ و خصوصا لو نفس الطرق اللى بيتم القيادة فيها .
أما لو حصل شيء مختلف طريق جديد مثلا أو سائق بيسير عكس الإتجاه أو فيه عواصف رملية بتحجب الرؤية الواضحة هنا بيحصل تحدى جديد و فى حالة التعامل بنجاح مع الظروف الجديدة بتتسجل فى المخ و بتضاف كأطر مرجعية جديدة فى حالة واجه نفس الظروف مرة تانية .
فالأطر المرجعية بمثابة خريطة و طريق تساعدنا على التعامل مع ظروف الحياة المختلفة .. فمع الوقت الأطر المرجعية تطورت و خدت أشكال مختلفة هدفها البقاء و التطور البشري بشكل فعال و آمن .. فالأطر البشرية مختلفة لكن هدفهم واحد و هو الطريق الصحيح اللى من خلاله نقدر نعتبره مرشدنا فى حياتنا .
الأطر المرجعية البسيطة :
المقصود بالبسيطة مش إنها سطحية المقصود منها إنها أسهل فى التنفيذ .. الأمثلة منها الأديان و المعتقدات و العادات و التقاليد و الخبرات الحياتية .. هنا كل المطلوب التنفيذ الحرفي للتعاليم أو على الأقل الإعتراف بيها كأطر مرجعية .. يعنى ممكن شخص مسلم مش بيصلى ولا بيصوم و لا بيزكى مسلم مع إيقاف التنفيذ رغم كدا معتبر الإسلام مرجعيته حتى لو مش ملتزم بيه بس المهم تملأ الفراغ اللى بيملاه الدين و إن ممكن مع الوقت يبقى ملتزم و متدين مثالى .
فهنا كل المطلوب رجل دين أو كبير عائلة أو رجل حكيم صاحب نظريات فلسفية بمثابة مرشد للطريق الصحيح و إطار مرجعي لفهمنا للحياة بس بدون تعقيد و مش يحتاج لنشاط عقلى قوى .
الأطر المرجعية المعقدة :
الأمثلة هنا ممكن برده أديان و معتقدات و عادات و تقاليد بس الإلزامية هنا بتقل و التقليد الأعمى مبيكونش موجود بيكون من خلال نشاط عقلي و مجهود نفسي للوصول لفهم معانى الحياة و أسرارها بشكل معقد و العلوم هنا من أفضل الأطر المرجعية المعقدة و الفلسفات برده أمثلة عليها .
فى الأول بتكون مرهقة جدا و صعبة جدا بس مع الوقت بيتم إكتساب حكمة من خلالها يتم فهم تعاليم الأديان و المعتقدات و العادات و التقاليد و العلوم و الفلسفات بشكل أكتر عمقا فالنتيجة الإحساس بالآمان و مواجهة صعوبات الحياة بفعالية أكبر .
الأطر المرجعية البراجماتية :
هنا مفيش أطر ثابتة الثابت الوحيد المنفعة الفردية .. فممكن يتم إتباع دين معين رغم عدم الإيمان الحقيقى بيه طالما فيه منفعة هتم من خلاله .. و نفس رد الفعل لأى أطر مرجعية أخرى ممكن يلعب دور حامى أخلاق المجتمع و الفضيلة و منفذ للعادات و التقاليد بحذافيرها فى سبيل كسب ود الناس و ثقتهم و بالتالى سهولة إستغلالهم .
الأطر هنا زئبقية تقدر تتحد مع أى أطر أخري كستار لتحقيق المنافع الفردية بدون إيمان حقيقى بالإضافة لإمكانية التنقل بين الأطر المختلفة .
الأطر المرجعية الفوضوية :
الأطر هنا غريبة و مش مفهومة لإنها بتضر أكتر ما بتفيد .. فالأطر الفوضوية تمرد على الحياة و رفضها و كراهيتها و بتميل لإتباع الخيارات اللى تضر فلو فيه تصرف عقلانى منطقي لمواقف معينة هيتم رفضها و القيام بالتصرفات المعاكسة ليها و المدمرة للذات .. مثلا إهمال الصحة و السعى لعلاقات سامة مدمرو بشكل واعي او غير واعى المهم يكون فى شكل تمرد على كل القيود و التعليمات بغض النظر عن جدواها .
الأطر المرجعية الغريزية :
الأطر هنا من أسهل الأطر عموما .. المرشد هنا الغريزة رغبات جسدية .. فدايما الهدف تلبية الرغبات سواء جنس أو أكل أو شرب بدون أى تعقيد ممكن اللجوء للمخدرات و الخمور تلبية لإدمان الجسم ليها .. الأطر دى لو هى الأطر الأساسية هتكون نتيجتها عذاب نفسي ملوش آخر لإن الرغبات دايما ملهاش إشباع نهائي و دايما متجددة .
الأطر المرجعية الرأسمالية :
الأطر هنا الأحدث عموما فى تاريخنا البشري .. ناجحة جدا كونها أطر مرجعية بس مش بتلبى إحتياجاتنا العميقة للحب و الآمان لإنها بتسطح العلاقات .. هى أطر زئبقية برده تقدر تتحد مع أى أطر تانية و نادر لما تكون الأطر المرجعية الوحيدة .. هدفها دايما السعي للشراء أو إكتساب المال .
فدايما فيه رغبات لشراء منتجات معينة حتى لو مش محتاجينها لكنها بتملى الفراغ و الخواء الداخلي .. يعني مثلا لو فيه فراغ عاطفي او فراغ زمني أو عدم وجود طموحات و خطط مستقبلية الرأسمالية هنا بتوفرك ده من خلال إعلانات تجارية أو وسائل مميزة للإعلان عن المنتجات زى الأسواق و المولات الكبيرة .. و المستهلكين بمثابة المرشدين اللى هيتم تقليدهم .. فكل ما تكون المنتجات عليها إقبال للشراء هيزيد الرغبة فى تقليدهم حتى فى عدم الإحتياج للمنتجات دى .
ممكن تندمج مع الأديان و يبقى الهدف من الإيمان إكتساب أكبر عدد ممكن من الحسنات بغض النظر عن عن هل فعلا فيه إيمان حقيقي ولا لا .. فهنا هتنتشر البضاعة الدينية من شراء مصاحف و كتب دينية و أدعية و سواك و بخور و روائح و دروس دينية و بنوك إسلامية .. هتكون رأسمالية دينية حديثه بدون إيمان حقيقي .
ممكن تندمج مع معتقدات حتى العلم و التكنولوجيا السعي لإقتناء آحدث المنتجات التكنولوجية بغرض مواكبة التطور العلمي .. ممكن شراء الروحانيات من خلال دورات تدريبية فى التشافي الروحاني من الفلسفات الشرقية بغض النظر عن هل فعلا محتاجين ده ولا مواكبة الموضة طالما انتشرت و كثر الإعلانات عنها هتسد الفراغ و الخواء الداخلي فى سبيل وهم شراء الروحانية .
الأطر المرجعية الفردية :
هنا أصعب الأطر و أكترهم عمقا لإن المصدر دايما ذاتي فردي بشكل أساسي مع إمكانية الإستعانة بأطر أخري من وقت لآخر .. كل إطار مرجعي بيوفر أخلاقيات معينة .. أما هنا الأخلاقيات فردية مكتشفة بشكل مستقل بدون إجبار أو تقليد .. أى فعل أخلاقي هيكون فعلا داخلي عميق بيعبر عن رؤيته الأخلاقية .. مرجعيته علوم و ثقافة لكن مع نقد و تحليل مستمر .
النوع ده نادر جدا رغم كدا أكترهم نضجا و أكترهم الشعور بالعزلة و الوحدة و دى الضريبة .. بس مع الوقت ممكن يكون ممثل لإطار معقد يكون ليه فلسفة و يكون ليه أتباع بس الأغلب بيكون وحيد مستقل على هامش الحياة .. بس بيكون فيه سعادة ممزوجة بألم .. الأطر الفردية الزمن الحالي و الحاضر مكنش زمنها و مكنش داعم ليها لكن ممكن مع الوقت يحصل تغيير جذري و يكتر أفرادهم و ممكن وقتها شكل الحضارة يتغير و تزيد إستقلالية الأفراد عن زحمة و تلاحم القطيع .
من الناحية التطورية النوع ده بيواجه خطر التعامل مع الظروف الجديدة و الاستثنائية عكس باقى الأطر بسبب بطىء الإستجابة الناتج عن التحليل و النقد العقلاني عكس باقى الأطر اللى بتستجيب بسرعة رد فعلها بالاستناد لأطر ثابتة جماعية حسب نوع الأطر المتبعة اللى بتكون أكتر ملائمة للبقاء لإنها مجربة قبل كدا من الجماعات البشرية القديمة اللى واجهت ظروف مشابهة حتى لو كانت سطحية بس سرعة الإستجابة نفسها هى اللى بتساهم في البقاء تطوريا أكتر من الإستجابات البطيئة .
فأي أطر مرجعية هتبقى إجابات و إرشادات على أغلب تصرفاتنا و سلوكنا فى الحياة .. طبعا بتختلف درجات السطحية و العمق بس المهم إن كل شخص ليه أطر هتناسبه و محتاجين نقبل ده حتى لو كان رأينا إنها سطحية أو غير مجدية أو مضرة .. مفيش إنسان يقدر يعيش من غير أطر مرجعية لإن بدونها مكنش هيبقى فيه حضارة و كان الإنسان انقرض من زمان .. المخ شغال بأطر مرجعية معرفية و ده سبب إحتياج البشرية دايما لأطر مرجعية عقائدية إمتداد لأطر المخ المعرفية .
عشان كدا البشرية قدرت تطور و هتتطور أكتر من كدا لكن الأكيد هتظهر مع الوقت أطر مرجعية مختلفة و أكتر تعقيدا ممكن يكون منهم أطر متطورة جدا تغير شكل حضاراتنا و تقدر تحل المشاكل النفسية و الروحية المزمنة .