السلام عليكم

أعتبر شخصيًأ أي شركة لم تلجأ للتمويل الاستثماري ولم يمضِ على إنشائها عاما كاملا، شركة ناشئة، يحتاج أي مشروع تجاري أن يصمد أمام التحديات، وأن يختبر بيئات العمل مع متغيرات الوقت، فما يناسب الصيف لا يناسب الشتاء، حتى لو كان منتجك الكترونيا، وما يصلح لسياسة التسويق في المدن لا يصلح في القرية، وبالطبع لن يخفى عليكم أن الشركات الناشئة عادة ما تكون محل طمع المستثمرين المستغلين لحاجاجتها للأموال من أجل تثبيت قواعدها في مجال عملها وتطوير أدائها ورفدها بما يلزم من عتاد وبرمجيات.

من هذا المنطلق، تأتي نصائحي من تجربة شخصية مع عدة أفكار ناشئة، سواء مؤسسات مجتمع مدني أو شركات تجارية، أعرضها عليكم بشكل مختصر على أمل أن تتجنبوا الأخطاء التي وقعت بها، وتحاولوا تقوية نقاط ضعفكم وتطوير نقاط قوتكم.

الرفيق قبل الطريق

إن بناء فريق عمل تثق به ألا يتغير عليك مع الأيام ومستجدات الحوادث ومغريات المستقبل، ويخلو من الحقد والأنا، والأفكار الخاصة البعيدة عن روح الفريق لهو أهم خطوة من خطوات النجاح، قد يتساقط على طريق الفكرة الكثير ممن كنت تعتقد أنهم لن يخذلونك، وقد يثبت معك حتى النفس الأخير من لم تعره اهتمامك في بداية الطريق.

إن كنت تؤسس لشراكة، فأهم الأمور التي ينبغي عليك التأكد منها هي الوضوح والصراحة بين الشركاء، فلا يبني أحد الشركاء أوهام وأحلام من خياله، غير واقعية، غير متفق عليها ثم تراه ينصدم بواقع مختلف عن مخيلته مما يجعله يقع في مصيدة أنك قد استغللته عن غير قصد.

تقدير الفكرة يأتي من داخلها

في إحدى الأفكار الرائدة التي أقوم عليها مع فريق بسيط " شابان وأنا ثالثهما " عُرِض علينا عن طريق حاضنة أعمال محلية أن يقدموا لنا مستثمر ما - بحسب وصفهم شركة كبيرة في الخليج - وقد يدفعون مبلغ محترم كإستثمار، النصيحة هنا ألا تستعجل، إن كنت قادرًا على تحمل المصاريف الأساسية للفكرة لمدة عام كامل دون الحاجة لتمويل، فلا تقبل تمويل قبل أن تنضج فكرتك وتلاقي النجاح وتعمل على إشهارها بشتى الطرق، وتهتم اكثر في استقطاب الفئة المستهدفة بعناية، لتقدم منتج احترافي ضمن معايير عالية الجودة.

البعض عند سؤاله عن ماهية المصاريف التي صُرِفت على الفكرة حتى لحظة دخول مستثمر ممول عليها، يتسرع في تقدير المصروفات من خلال مثلا السيرفر، الموقع، المعدّات المادية، برمجة التطبيق - تقييم غير دقيق - ولا يعمل على تقدير الفكرة نفسها، ومحاولة تثمينها وإدراجها ضمن المصاريف، وكذلك أي جهود بذلت - غير المادية - من علاقات عامة وتسويق، استقطاب للأعضاء، وغيرها، هذه أمور تقدر غاليًا في السوق، لا تغفل عنها، قد تقدر الفكرة لوحدها بمئات آلاف الدولارات، الشريك الممول سيدخل شريك أيضًا في ملكية الفكرة، لذلك عليك تقدير أفكارك وجهودك المعنوية بشكل جيد، وإلا فلن يقدرها المستثمر أو أي جهة أخرى عنك، وفي جميع الأحوال لا تسمح للمستثمر بامتلاك أكثر من 40% من قيمة الشركة مهما كلفك الأمر، حتى لا يتحكم بها مستقبلاً من خلال الشراكة مع أحدهم!.

الاستعانة بمتخصصين في الإدارة والمالية لصياغة نموذج أعمال فكرتك

نموذج الأعمال، أو نموذج الربح، وكتعريف مختصر لهذا المصطلح هو: كيف تصنع فكرتك المال، كيف إداريًا وماليًا، وما هي هيكلية الشركة وما هو نصيب كل شريك، إضافة لتقدير النفقات والمصاريف وتثمين الشركة والفكرة قبل دخول أي شريك ممول، استعن بأهل الخبرة لصياغة نموذج أعمال خاص بفكرتك أو شركتك، كثير من المستثمرين وحاضنات الأعمال يطلبون من أصحاب الشركات أو الأفكار الناشئة توضيح ماهية نموذج الأعمال - Business Model.

لن يضع أحدهم ماله لمجرد أن هناك فكرة جيدة، يحتاج للإطمئنان أن المال سوف ينتج عنه مال في نهاية المطاف، هو ليس جهة خيرية! لذلك لابد لك من صياغة الفكرة وتصميمها إداريًا وماليًا بشكل محترف من خلال الاستعانة بالمحترفين في هذا المجال.

احذر المستثمرين من فئة " فرق تسد "

يعتبر شعار " فرّق تسد " أو " الغاية تبرر الوسيلة " شعاران ذائعي الصيت بين المستثمرين المقتنصين للأفكار الناشئة، إن المفهوم الاستثماري " أكثر المنافع بأقل التكاليف " هو المعتمد عالميًا، شئت أم أبيت، لن يبذل أي مستثمر ماله بسخاء وكرم حاتمي، سوى لو تأكد بأنه سينتج عن هذا الاستثمار " بأقل ما يمكن " فوائد وأرباح أضعاف مضاعفه عما بذله " أكثر ما يمكن.

لذلك قد يلجأ المستثمر إلى محاولة فك ارتباط الشركاء المؤسسين، قد يحاول التفاوض مع واحد دون الآخرين، أو قد يحاول استمالته أو رشوته بشكل مباشر أو غير مباشر، لذلك قلنا في البداية أن الرفيق قبل الطريق، احرص ألا يكن معك في فريقك من يكن من هذا الصنف.

الفئة المستهدفة من الفكرة هي رأس مالك الحقيقي

احرص على تطوير عملك، فكرتك، أساليبك، بحيث تقدم تجربة مريحة للفئة المستهدفة، لن تجد أبدًا أي فكرة ناجحة إلا وكان هدفها الاستراتيجي تقديم جودة عالية بأسعار منافسة تناسب الفئة المستهدفة، وتواصل معهم بشكل مباشر، وبشكل جماعي من خلال الاستبيانات واستطلاعات الرأي بين الفينة والأخرى من أجل قياس جودة منتجك ومدى رضاهم عنه، في الوقت الذي يبدأ فيه منحنى استقطاب الفئة المستهدفة بالانحدار والتراجع اعمل كل جهودك على أن تعيدها لسابق عهدها وتتزايد للأعلى.

في الأفكار التي يكون لها أكثر من فئة مستهدفة، ويكونون في شكل متنافس، كما هي الحال في منصات العمل الحر، فالفئة المستهدفة هم المستقلون، والشركات، لابد من البقاء على مسافة واحدة حيادية قدر الإمكان بين الطرفين، فأنت كمنصة محايدة لا تنحاز لطرف على آخر، ذلك يصنع منك منصة احترافية مرجعية لكلا الطرفين، تخيل لو سمحت للشركات بطرح عطاءات مشاريع بأسعار رخيصة تستقل من قيمة المستقلين؟ حينها لابد وأن تتدخل لصالح المستقلين وهذا لا يعد انحيازًا بل هو ضبطًا لمعايير الجودة، وكذلك الحال في النقيض لو أحد المستقلين تراخى في تقديم منتجه سواء بالتأخير أو برداءة الجودة، حينها لابد من التدخل لصالح الشركة أو العميل.

-

على أمل ان أكون قد وُفِقت في تقديم تجربة شخصية، وعرضها بشكل مفصل قدر الإمكان لأهميتها، وأنتظر آراءكم في التعليقات.

كُتِبت هذه المادة خصيصًا لمبادرة التدوين الجماعي، لذلك تجدونها موسومة بالوسم #تدوين_جماعي.