اتذكر بأنني يوماً نمت بعد انهيار مفزع ..

ثم استقيظت شخصاً لا أعرفهُ ! .. 

مررتُ في أيامٍ مُظلمة .. و مؤلمة .. 

الآن إن اعدت النظر لا ادري كيف نجوت منها ..

تألمتُ بشدّة .. حتى انني مراراً حتى لا يسمعُ بكائي احد .. وضعتُ يديّ ووسادتي فوق فمي 

ظننتُ بأن الصُراخَ في داخلي يسمعهُ الآخرون 

ولكن .. هم في مُعظمِ الأحيانِ لا يسمعون احاديثي حتى .. من يأبه بصراخي او بكائي 

وومع هذا لم أُحب يوماً ان اظهر الجانب الضعيف مني امام احد ..

لطالما وضعتُ بيني وبين الأشخاصِ مسافةَ أمان

هيَّ مرةٌ واحدة التي كشفتُ عن نفسي امام احدهم .. وما زلت أدفعُ ثمن خطئي حتى الآن ..

لم يكُن سهلاً بالنسبة لي ان يُصنّفوني الناس من ضِمنَ الأقوياء ..

هذا ما يبدو لهم .. 

رغم انني في مراتٍ .. بل آلاف المرات .. 

شعرتُ بأنني لا اقوى حتى على ان افتح عينايّ في الصباح لمواجهةِ هذا العالم ..

حين اسمعُ الكلام مِنهُم .. ابتسم !! 

اتسائل .. هل حقاً ابدو كذلك ..

هل انا بتلكَ القوّةِ المذكورة ..

حسناً .. لا اعلم ..

ولكنني اعلم من اين جِئتُ بِكُل هذه القوة ..

هيَّ ليالي لم انم بها ..

و صباحات عديدة قضيتها شاردةً حتى بردت قهوتي .. و بردت معها روحي ..

هيَّ امتحاناتٌ لم أختر أيُّ واحدةٍ منها ..

بل فُرضت عليّ فرضاً ..

حاولتُ التأقلُمَ معها فقط ..

ولكنني لم اتقبلها يوماً ..

كُل ما فعلتُه بأنني رضيت ..

كُل هذا صنع مني شخصاً لا يُشبهني ..

قد اضحك و قلبي يعتصر ..

اقول بأنني سأنام و لا انام ..

تُحضر لي أُمي اكلتي المُفضلة ولا آكل منها ..

حتى بأنني لم تعُد تُصيبُني تِلك الفرحةَ بتحضيرها ..

هذا صنعَ مني شخصاً يميلُ الى الاتزان .. في كُل شيء .. 

لا أُقدم على خُطوّةٍ إلى لأعرِفَ عواقبها جيداً . .

و لم يعُد يُغريني شيئاً ابداً ..

ولا شيء .. لاشيء قادر على ان يُعيد لي بهجتي

اصبحتُ شخصاً يُنهكُ نفسهُ في العمل .. 

حتى بأنني مارستُ اعمالاً عديدة في وقتٍ واحد

و مع هذا .. انا مُتعبة .. 

مُتعبة يا الله .. مِن نفسي .. 

و مِن مَن هُم حولي ..

مُتعبة من أيامي .. و من تِلك الأحلام التي انكسرت امامي ..

مُتعبةٌ مِن فَشلي ..

و مُتعبةٌ مِن نجاحي ايضاً ..

اشعرُ بأنني مُنكهة .. 

مللتُ الحصولَ على كُل شيءٍ بعدَ جُهد طويل ..

و في معظم الاحيان اتعب .. 

و لا احصدُ شيئاً سوى الخيبة .. 

و كأنما عُمري لا يزيدُ في الأرقام .. بل يزيدُ في الأحمالِ الذي يضعها فوق كتفيّ .. 

ولكنني شكوتُ ..

شكوتُ أمري لك يا رب ..

أشرتُ إليك على كتفيّ .. و اخبرتُك بأن الحِملَ أصبح ثقيلاً ..

وضعت يدي علي قلبي و قُلت لك بإنهُ لم يعد يحتمل ..

و على الرُغمِ مِن كُلِّ القسوةِ المُحيطةِ بي من حولي .. 

فأنا لا أريد سوى ان اكون الطرفَ الليّن في قلبِ كُلِّ مَن يَعرِفُني ..

حتى الآن لم يفهمني أحد 

لا أحد يعرفني على حقيقتي .. ، 

لطالما اعتقدت أنني وجدت ذلك الشخص الذي يفهم الإنكسار خلف قوَّتي .. ، 

الإكتئاب خلف هروبي ..،

والحُزن الذي خلف عُزلتي .. 

حتى أيقنت أن لا أحد معي سواي." 

في الحقيقة نحن لا يؤذينا اولئك الاشخاص الذين يعاملوننا بشكل سيء ..

يؤذينا اولئك الذين تصنعوا ودهم و لطفهم ومحبتهم لنا ..

و فجأة انقلبوا وتغيروا ليصبحوا اشخاصاً لا نعرفهم على الاطلاق ..

كأنهم لم يقضو معنا اياماً وليالي وسنين ..

نقف حائرين على ابوابهم نسأل انفسنا هل نحن المخطئون حين ظننا بهم خيراً ..

ام انهم هم الممثلون البارعون .. ليستطيعوا ان يقنعونا بأنهم اشخاصاً لطفاء ..

مهما ظننت نفسك ذكياً او تستطيع ان ترى حقيقة الاشخاص بسرعة ..

هناك شخصٌ واحد لن تستطيع ان تراه بعينك ..

بل ستراه في قلبك ..

و هذا الشخص تحديدا هو الشخص الذي يستطيع ان يغير نظرتك في كل شيء ..

نحن لا نتألم من الاشخاص العابرين في حياتنا .. مهما اجرموا بحقنا ..

و لكن نموت وجعاً مِن الذين آمنا بهم .. 

تماما مثل الشجرة .. التي اتى رجلٌ يضربها بفأسٍ لِيقتلعها .. فبكت ..

لم تؤذيها ضرباتُ الرجل لها ..

بقدرِ ما آذها ان الفأس مصنوعٌ مِن غُصنها .!

وهكذا نحن .. لطالما اتتنا الاوجاع من اولئك الذين قدمنا لهم قلوبنا ..

ومع كل ما تعرضت له من ألم ...

لم أتمنى الانتصار على أحد ..

تعلمت منذ زمن طويل أن الانتصار الحقيقي هو ألا نؤذي مشاعر من نحب .. حتى لو قاموا هم بإيذائنا في اشد نقاط ضعفنا ..

تعلمتُ بأن الطرف الأحن .. يفوزُ دائماً ولو بعد حين ..

و أنه مهما تعرضنا للظلم او الاسائة .. لا داعي دائماً للمحاربة .. فهناك مواقف المحاربة لا تجدي نفعاً ..

فقط اجلس .. و راقب الدنيا كيف ستدور ..

عليك ان تتحلى بالصبر و الإيمان .. بإنه من تركَ امرهُ ل الله .. فاز حتماً و انتصر .. 

و غنائمُ حربِكَ ستأتي اليك و انتَ جالسٌ في مكانك ..

في معظم الاحيان الله يُريد منا ان نتكل عليه اتكالاً تاماً .. و ان نتيّقن بإننا ان احتسبنا امرنا عنده فإنه حتماً سيُسقي من اذانا مِن نَفسِ الكأس المُر الذي اشربونا منه ..

سيُعوضُنا عن ما انكسر في انفسنا ..

لهذا تحديداً .. عليك ان تجاهد نفسك لتكون الطرفَ الجيد .. ان يرتدَ اليك شيءٌ جيدٌ لأمرٍ قد لا تفقهُ حجمَ عظمته عند الله ..

اشدُ رأفةً مِن ان ترتد لكَ سيئةً زرعتها في طريقِ او قلبِ انسانٍ مُتعمداً ..