بما أن الله لديه قدرة إلهية، لماذا لا يمنع الشيطان من وسوسته للبشر؟

بدايةً النفس البشرية أصعب بما لا يقاس من الشيطان، الشيطان أمام النفس البشرية لا شيء تقريبا، لكن يجدر التنبيه أن نقطة قوة الشيطان تكمن في الغضب؛ إن كنت تغضب كثيرا فالشيطان لا يفارقك تقريبا أما إن كنت مسيطر على غضبك فتأثيره ضعيف.

نفسك هي ما يجب أن تركز عليه في هذا الموضوع.

جوابك أسئلتك التي تبدأ بلماذا كلها إن اختزلتها ستعود لسؤال رئيسي واحد هو : لماذا لم يجعل الله جميع الكائنات والعوالم بما فيها الشيطان سعيدة؟

الجواب: أن طبيعة العالم لا تقبل ذلك.

سؤال: ولم كانت طبيعة العالم هكذا ولم يخلق الله عالماً يمكن فيه أن يكون كل البشر سعداء؟

الجواب: ذلك أنه يستحيل أن نعيش نحن البشر بعقولنا هذه كما هي الآن في ذلك العالم. وليس يستحيل على الله خلقه إنما لو خلقه لن نكون هناك بشرا أصلا ولن نملك عقول كهذه ومن هناك لو وجد مثل ذلك العالم فلن يكون هناك أي أسئلة مثل هذه كما أن معنى السعادة نفسه لن يكون له أي وجود لأنه لتعقل شيء أي فهمه عقليا يجب أن يشهد العقل في زمن من الأزمان ضده أو نقيضه؛ دون نقيضِ السعادة أي الشقاء لن يكون هناك أي مفهوم للسعادة. بالتالي: في عالم سعيد سعادة مطلقة لا شر فيها سنرى ما يلي:

١ ما من سعادة تُعرف في ذلك العالم نظرا لأن نقيضها غير موجود فلا وجود للسعادة والحالة التي تعيش فيها تلك الكائنات تكون أي شيء لكن غير السعادة. وأيضا هي لن تكون بشراً بالضرورة المنطقية.

٢ لا وجود للعقل في ذلك العالم نظرا لعدم وجود النقائض مثل نقيض الخير ونقيض اللذة أي الشر والألم، ذلك أن العقل لا يمكن أن يتعقل شيئاً دون شهود نقيضه في وقت من الاوقات

سؤال: لم لا يخلق الله عقلا يتعقل الأشياء دون نقائض؟

الجواب: هذا مستحيل على العقل نفسه وليس على الله؛ ذلك أن "خلق عقل يدرك دون الحاجة للنقائض" يشبه قولك ارسم لي مثلثا بأربعة أضلاع وهذا محال ليس لعدم قدرتك على رسم المثلث إنما لأن المثلث أصلاً لو أردت رسمه فإن أساس تعريفه وكنيونته أن يكون ذا ثلاثة أضلاع لا غير وكذلك العقل إن أردت أن تخلقه لا بد من خلق عالمٍ بنقائض كي يُدرك وإلا لن يدرك العقل شيئا منه.

من هنا ولأن الله لم يرد خلق ذلك العالم الذي لا نقائض فيه أو ربما خلقه لكن لا نعرف عنه شيئا إلا أنه غير مهم ذلك أن العقل يحظى بتقدير عال جدا من قبل الله ومن ثم خلقه وخلق هذا العالم من أجله كي يتعقله العقل

كل هذا تمهيد يؤسس لجواب سؤالك لم كان ما كان على ما كان عليه؟ اي لم خلق الشيطان والمعاصي والذنوب الخ.

شيء آخر هو أن الشيطان والذنوب وكل الشرور يقابلها الله بكلمة لا أبالي وهي كلمة مهمة جدا ذلك أن الله لا يهتم بكونك ملأت قراب الأرض خطايا بل يهتم بموضوع محدد هو اليقين به وبوحدانيته وعدم الاصرار على ما فعلته لذلك إن أتيت الله وانت محسن الظن به فسيكون كما ظننت ذلك أن العوالم خلقها جميعا من اجلك. بما فيه ذلك الخادم في المملكة الإلهية: الشيطان.

استطراد: وقد تكلم علماء النفس والانثربولوجيا وغيرهم من غير الاستناد إلى حجج دينية عن ضرورة أن يكون لبني البشر عدو والأفضل أن يكون عدوا واحدا كي يتوحد البشر للقضاء عليه. فيمكنك أن ترجع لادبياتهم لمطالعة ضرورة وجود عدو للبشرية ومن ثم إسقاط النتائج على الشيطان فتفهم.

متابعة: ان الله بحكمته ومحبته البالغة للبشر نشر لنا منذ أكثر من ألف سنة الخطاب الأخير الذي سيخطبه الشيطان في النار (سورة ابراهيم - الآية 22) وفحواه:

١- الشيطان لن يتسبب بدخول أي كائن للنار عدا نفسه. ذلك أن البشري يدخل النار برغبته فقط وهذا من إكرام الله للبشر.

ومن الاحاديث الصحيحة لدينا:

٢- أن لا احد ايضا سيدخل الجنة بعمله مهما عمل

٣- اذن لم العمل ؟ ولم اتباع الأوامر والضعف أمام النفس ؟

الجواب: لتعرف نفسك

ذلك أنه من عرف نفسه عرف ربه

وهذا كل ما هنالك. لا شيء آخر.

إذا لم يكن الشر موجوداً فما الداعي لوجود اليوم الآخر؟

طيّب سؤال آخر، لم يُنوّع الأستاذ في أسئلة الامتحام فيضع الصعب و السهل و المتوسط الصعوبة، لم لا يكتفي بوضع أسئلة يجيب عنها الجميع بسهولة؟