السلام عليكم... إخترت الإجابة في موضوع مستقل لأنه مضى من الوقت على طرح السؤال أكثر من 16 ساعة...

قبل الإجابة يجب التعريف أولا بما المقصود ب"الناحية الفزيائية"..

السؤال هو "هل الرجوع بالزمن ممكن من الناحية الفزيائية؟"

بداية؛

في الفزياء يوجد مايسمى بالنظريات، الفرضيات وأيضا مايسمى بالمسلمات.. (طبعا يوجد أيضا القوانين/تفسيرات/-والمبادئ-).

النظريات هي مجموعة من القوانين والتفسيرات المرجح أنها صحيحة... إلى درجة أن مايمكن تجريبه مماتنص عليه هذه النظريات فهو متوافق (أي التجارب متوافقة مع النظرية).. بالإضافة حجر الأساس ألا وهو الإثباث الرياضي... لهذا لاتوجد نظرية إلا وهي مثبتة رياضيا... أما غير ذلك فهي فرضيات، يعني مالم تنضج لحد الأن من ناحية الإثبات الرياضي.... وطبعا هناك فرضيات أقوى من الأخرى... ومن الأفضل ألا نخوض في الباقي (أي المقصود من المسلمات والمبادئ...) فمفهومها غير مهم جدا حاليا، ويطول الكلام فيه...

وبهذا؛ فمن الناحية الفزيائية سأختار الحديث عن: من "ناحية النظريات" و من "ناحية الفرضيات".. وبالضبط بالنسبة لأشهر أقطاب الفزياء الحديثة حاليا..

النسبية

-بالضبط... فالأمر غير ممكن بإستخدام النظرية النسبية... [عكس "الذهاب" للمستقبل؛ فهذا ممكن نظريا من ناحية النسبية.. وتجريبيا أيضا تم التأكد من ذلك إلى حد ما] وللعودة للرجوع بالزمن فالأمر يذهب ليكون محالا -ومستحيل- بالنسبة لأينشتاين والكثيرين.. وحتى كيف يتصور فِكْرْ "النظرية النسبية العامة" الكون؛ فالأمر غير ممكن.. فهي لاتتصور الماضي والحاضر والمستقبل قائم في نفس اللحظة حتى تستطيع الإنتقال هنا وهناك..... => كخلاصة؛ النسبية تخبرك أن الرجوع للماضي غير ممكن.

فزياء الكم

-أما فزياء الكم وماترتب بعدها (طروحات المجال والأبعاد....)؛ الأمر غير محسوم بالمجمل... حاليا لاتوجد نظرية (يعني إثباتات رياضية) تخبرك أنك تستطيع الإنتقال إلى الماضي... لكن هناك تفسيرات غير مدعومة بالإثباتاث الرياضية - أي فرضيات - تفترض إمكانية ذلك لحل بعض المشاكل المستعصية... مثلا بعض السلوكات الغير مفهومة عن الإلكترونات ذهب بالعالمان جون ويلر و ريتشارد فينمان إلى إقتراح فرضيات تمكن الإنتقال إلى الماضي والحاضر وتنظر للكون كما لو أن الماضي والحاضر قائم في نفس الوقت.. كما الأمر في فرضيات الأبعاد أيضا....

المشكل كان؛ لماذا تحمل جميع الإلكترونات نفس الشحنة والكثلة... ولاحقا أيضا للإجابة عن لماذا هناك مسلمات في الكم تتعارض مع قوانين ومبادئ في النسبية... فالنسبية تخبرنا يقينيا حسب إعتقادها أنه لايمكن لأي جسم كيفما كان الإنتقال بسرعة أكبر من سرعة الضوء (وأمور أخرى)... وكتفسير لسرعة ترابط الإلكترونات (لأنها مبدئيا أكبر من تلك سرعة الضوء) تم إقتراح من ويلر و فينمان أن الإلكترونات تستطيع الإنتقال والتحرك عبر الزمن كما نستطيع نحن التحرك في المكان... مثلا تستطيع أن تتحرك في الزمان والتواجد في أكثر من مكان في اللحظة نفسها لأنها تستطيع التحرك التنقل في بعد الزمن.. وأيضا جاء الأمر لإحتواء مسلمة الترابط بين الإلكترونات...

صراحة هم ذهبو لإقتراح أكثر جرءة والذي هو أن إلكترونات الكون كامل ماهي إلا إلكترون واحد فقط ويستطيع أن يكون في هذه الذرة وفي تلك أيضا في نفس الوقت لأنه ببساطة يستطيع التحرك في الزمان... وإلكتروننا المتفرد هذا مايفعله هو أنه يتحرك ذهاب من أقصى الماضي إلى أقصى المستقبل والتواجد في الأمكنة القانونية له والعودة إياباً أيضا من المستقبل إلى الماضي...

أيضا

طبعا الأمر ليس إلا فرضية وهي تحتاج برهاناُ رياضيا لتصبح نظرية... هناك الكثير من الفرضيات الموجودة الغريبة أيضا.. لكن في إعتقادي هذه أعجبهم... وللأمانة فوضع فرضيات ليس بالهبذ... فالأمر جاء وفقا لمحاولة تفسير قوانين ومسلمات متضادة أحيانا لكنها صحيحة في الأن وحده.. وفي مثل هذه الأمور لاوجود لحل إلا خارج الصندوق وهذا ماحاول أي يفعله عالمانا... لذلك عالم "الفزياء المعاصرة" الجيد هو لايحتاج الإلمام بالفزياء جيدا وإتقان منطقها وجوة حس لديه في معرفة الصواب من الغير معقول في الفرضيات، ومايجب أن يبحث في صحته الرياضية.. ليس هذا مايحتاجه فحسب؛ بل يحتاج أيضا بشدة التميز في الرياضيات، التميز لحد ال(prestige) (ليست كأي رياضيات-بل مشكلات رياضية يلزم حلها المحاولة لعقود... للنهوض بالفرضية لمستوى النظرية... طبعا أحيانا يكون البرهان قبل الفرضية...)

ولكن مع أن الأمر ليس إلا فرضية، أي لايوجد إثباث رياضي لصحتها، ففي نفس الوقت لايوجد إثبات رياضي ينفيها بالكلية...

وفي إعتقادي فمع أنها ليست بالفرضية القوية لكنها بالفعل مثيرة جدا للإهتمام...

كنهاية

وللأمانة فعلماء الفزياء ليس إهتامهم الرئيسي حول هل يمكن العودة للماضي-- على الأقل لايشكل أحد الأسئلة المهمة هنالك.. ومعظم من يهتم ويتحدث عن علاقة الثقوب السوداء والدودية بذلك، والإمكانيات التي يفتحها ذلك، فهم ليسو علماء فزياء.. إنما هم الشخصيات الأيقونية للفزياء (أيقونات الفزياء الحديثة)... أو على الأقل حسب إعتقادي.. أما عن إهتمام ويلر و فايمان بذلك فقد كان من منطلق البحث عن إجابات حول مشاكل جدية في الفزياء الحديثة.

وأعتذر لأنني إستخدمت الكثير من المصطحات ربما غير المفهومة لك، لكن إجابتي عن سؤالك تتطلب مني إستعمال تلك المصطلحات ويسعني شرحها جميعا... لكن مجملا أعتقد أن عدم فهمها لن يحول بينك وبين فهم إجابة السؤال.

هذا والله أعلم...

فالأمور أعقد من فهمي البسيط جدا...