هذه الحرب اللعينة كشفت الوجه الشائه لحضارةٍ غربيةٍ أنهكها داء المالينخوليا الروحي. حضارةٌ مريضةٌ في جوهرها، تتخبط تحت وطأة كآبةٍ وجوديةٍ عميقة.

حين تعجز العقول عن ابتكار الحلول السلمية، وتعجز الإرادات عن الانتصار للحق وللشعوب المنكوبة، وحين تُختزل السياسة في لغة البيزنس والمصالح المادية، يصبح واضحًا أن هذه الحضارة قد أخلفت وعودها النبيلة، ولم تعد سوى حضور تقني أجوف، آيلٍ إلى الفناء بما تصنعه أيديها.

الحرب الطاحنة ضد الروس، والتي ستبدأ حتمًا ضد الصينيين، ليست سوى علامات على الإفلاس القيمي والدخول في منحدر التخبط، في دورة انحطاط خلدونية.

لقد صارت الحضارة الغربية حضورًا تقنيًا أعمى، لا يفكر، كما صاح هيدغر.

عودة سؤال الكينونة تعني عودة الدين، عودة الروح، عودة الارتقاء فوق عبادة التراب. فوجه الحق، مهما غاب، لا يختفي؛ بل يعود أقوى، ليزهق الباطل ويدحر ثقافة الزبد.

إنها نداءات الوجود، تنبعث من جديد عبر الشعر والفلسفة، لكنها في جوهرها أنين الروح التي لا تسكن إلا بلقاء الباري… بكلماته ووحيه.