سؤال حير العقول العربية على منذ أكثر من قرن ونصف: كيف نقيم نهضة عربية؟ هل نهضتنا كأمة عربية رهن بالقطيعة التامة مع ميراثنا الثقافي والتاريخي، أم أن النهضة الحقيقية تكمن في استلهام الماضي وتجديده؟
يعتقد البعض أن التخلف العربي نتاج تشبثنا بتراث أصبح بالياً لا فائدة منه،و أن القطيعة مع هذا الإرث شرط للتقدم والنهضة، حسن حنفي مثلا، يرى أن التراث يجب أن يكون أداة لفهم الواقع وحل مشكلاته، لا مجرد ذاكرة تاريخية تصبح عائقاً أمامنا بتحولها إلى مقدس جديد، بينما يرى أدونيس أن التخلف العربي انما هونتاج هيمنة التراث الديني والثقافي الذي يكبح الحداثة والإبداع، في رأيه لا بد من قطيعة شاملة مع هذا الإرث.
على الجبهة الأخرى فريق يعتقد بأن التراث مازال فيه ما يساعدنا لكن يجب أن نحسن استغلاله ونقرأه بأعين جديدة، محمد أركون مثلا؛ يقترح "إعادة قراءة التراث قراءة نقدية" باستخدام مناهج فكرية جديدة، بينما عبد الله الجابري يركز على استرجاع مناهج العرب والمسلمين القدامى واعادة توضيفها، مثل "عقلانية" ابن رشد، مقترحًا استلهامها لإحياء الفكر النقدي واعتبارها مناهج لنهضة اسلامية من الإسلام والمسلمين أنفسهم، أما طه عبد الرحمن فيشدد على ضرورة "تجديد القيم الروحية" دون الانفصال عن الهوية الإسلامية، لأن الأمم التي تفقد تراثها تفقد أصالتها كما يرى عزت بيجوفيتش
ويوجد فريق ثالث يعتقد بأن الحل في الدمج بين الإثنين، وهو موقف نجده مثلا عند علي شريعتي وإدوارد سعيد، إذ يعتقدان أن النهضة تحتاج إلى مزاوجة بين الأصالة والحداثة، فلا نتخلى عن هويتنا ولا نرفض الآخر.
في رأيك أي فريق هو الأصح، هل نهضتنا تتأتى بالقطيعة الجذرية مع الماضي، أم في استلهامه وتجديده؟ أم بتجاوز الماضي تجارب الحاضر والأندفاع نحو إمكانيات جديدة غير مسبوقة؟
التعليقات