عندما يتعلّق الأمر بتأديب الأطفال في الأسر العربيّة، يتشابه الأمر بينها جميعا في طريقة واحدة هي العنف البدني.
إن الأمر وفي الوقت الحالي تعدّى مرحلة طريقة للتأديب وحسب، وقد تحوّل إلى ثقافة مجتمع وإلى وعي عام (وأي وعي)، وأصبحت الأسرة العربية تعدّ التأديب بالضرب المبرّح وسيلة ناجعة تربى عليها الأبوين وكذلك أبويهما وهكذا دواليك. وقد يقول أي شخص منحاز إلى هذه الطريقة أنها جزء من الثقافة وإنها تربي ولا تعتدي على الطفل، لكن الأرقام والحوادث تظهر عكس ذلك تماما.
تقول اليونيسيف في تقرير لها عن ضرب الأطفال أين شمل المسح 190 دولة، أن 73% من الأطفال في تونس يتعرضون "للضرب التأديبي" و78% في سوريا و82% في مصر و62% في العراق و67% في فلسطين و67% في الأردن. وهذه الأرقام مرعبة بحق، فهي تفوق الخمسين بالمائة من أجيال تتربى على نفس النهج لتكبر بعقد نفسية ناتجة عن نفس الضرب في الصغر. كما أشارت دراسة أجراها باحثون في جامعة ميسوري الأمريكية سنة 2017، أشارت إلى أن الأطفال الذين يصفعون على الوجه أو يتعرضون للضرب التأديبي يصبحون عنيفين في كبرهم عندما يصلون سن الـ10 والـ11. وقد قال غوستافو كارلو الباحث الأول في هذه الدراسة "الدراسة نتاج نحو 10 سنوات من البحث، وهى من الدراسات القليلة التي توضح التأثير طويل الأمد لضرب الأطفال. وتنفرد بأنها تضم عددًا من الأسر قليلة الدخل والمتنوعة عرقيًّا، إذ إن التأثير السلبي للعقاب الشديد يحتمل أن يكون نابعًا من مشكلة الفقر. ومن المهم جدًّا أن يمتنع الوالدان عن عقاب الطفل بدنيًّا؛ لأنه يمكن أن يكون له آثار طويلة الأمد، وإذا أردنا رعاية السلوكيات الإيجابية، يجب على جميع الآباء تعليم الطفل كيفية تنظيم سلوكياته في وقت مبكر".
إن الحالة الإجتماعية تلعب دورا رئيسيا في هذه الظاهرة المتجذرة، فعندما يكون الوالدين تحت ضغط المشاكل الإجتماعية من كراء ومصاريف ومشاكل عمل أوبطالة إلى مشاكل زوجية زائد المناخ السام السائد عادة في المجتمعات العربيّة خاصة في المدن المكتظة والملوّثة بيئيا وثقافيا بالأفكار الرجعيّة. يلجأ الوالدين إلى الطريقة الأسهل لتأديب الطفل فيبرّحونه ضربا ولا يفكرون في اي طريقة أخرى لعقابه تكون لا تحمل أثرا سلبيّا قصير أو متوسط أو حتى طويل المدى.
وقد ساهمت القوانين العربية التي لا تجرّم مثل هذه الممارسة المخزية في حقّ الأطفال، ساهمت في ترسيخ هذه الظاهرة أكثر حتى وقعت جرائم بسبب التعنيف البدني للأطفال كما حدث في مصر عام 2021 في الاسماعيلية اين عذّب أب طفله بالكهرباء حتى الموت، وهذا وإن بدا راديكاليا فإن أصل الراديكالية هي الخطوة الأولى بعيدا عن الحياد والتي تتمثل في "الضرب التأديبي" الذي يتطور في عقول البعض حتى يصبح ما ذكرناه أعلاه.
هل تتبعون طريقة الضرب التأديبي مع أطفالكم ؟
وكيف تنظرون إلى هذه الظاهرة أو بالأحرى "الثقافة" ؟
التعليقات