أتذكر موقفًا حدث لي منذ فترة، عندما كنت متحمسًا جدًا لمشروع عملت عليه لأسابيع، وعندما عرضته أمام مجموعة من الأصدقاء، لم يكن رد الفعل كما توقعت. لم يكن النقد جارحًا، لكنه كان صريحًا أكثر مما كنت مستعدًا لسماعه. شعرت حينها بإحباط شديد، وكأن جهدي لم يكن كافيًا. لكن بعد أن هدأت، أدركت أن المشكلة لم تكن في كلماتهم، بل في طريقتي في استقبالها. كنت أنتظر الدعم المطلق، وعندما لم أجده، اعتبرت ذلك رفضًا بدلًا من رؤيته كفرصة للتحسن.

في كتاب الهشاشة النفسية يتحدث إسماعيل عرفة عن هذه الإشكالية، ويضع أمامي حقيقة لم أكن أواجهها بوضوح: أحيانًا، المشكلة ليست فيما يقوله الآخرون، بل في الطريقة التي أستقبله بها. نحن نعيش في زمن أصبح فيه النقد يُشعر البعض وكأنه هجوم شخصي، وأي اختلاف في الرأي قد يتحول إلى أزمة نفسية. وجدت أنني أحيانًا أقع في هذا الفخ دون أن أشعر.

في المقابل، أجد أن التجاهل التام ليس حلًا أيضًا. أن أكون إنسانًا يعني أن أتفاعل وأشعر، لكن كيف أضع الحدود؟ كيف أسمح لنفسي بالشعور دون أن أنجرف إلى دائرة الاستياء المستمر؟

ربما يكمن الحل في أن أتعلم كيف أفرّق بين النقد الذي يستحق الاهتمام، وبين ما يجب أن يمر مرور الكرام. أن أكون مرنًا دون أن أفقد إحساسي، أن أعبّر عن رأيي دون أن أشعر بالذنب، وأن أتقبل الاختلاف دون أن أعتبره تهديدًا.

لكن السؤال الذي لا يزال يشغلني: كيف أحقق هذا التوازن دون أن أميل إلى أحد الطرفين؟