"العقل أعدل قسمة بين الناس"
يعتقد ديكارت أن المعرفة هي ذاتية لكل إنسان، بمعنى أن عقله هو نفسه مصدر المعرفة، وأن الحقيقة واليقين تنبع من الداخل، وعليه فإن العقل البشري هو تعريف "المساواة" بين الناس بمعزل عن الفروق الاجتماعية والثقافية والتعليمية وغيرها.
الذاتية التي يطرحها ديكارت المقصود بها إن كل فرد عليه أن يبدأ بالتساؤل (الشك) حول أسس معرفته التي حصّلها خلال نشأته، وتفكيكها أسسًا ومنطق وكل شيء، ومن خلال تحليل تلك المعارف نصل إلى اليقين، إما لأنها فعلًا صحيحة أو لأنها خاطئة فنصل إلى معرفة جديدة.
ولكن هل فعلًا العقل بمعزل عن الفروق الاجتماعية والثقافية والتعليمية؟ أليست تلك الأشياء نفسها هي ما تشكل وعينا؟ ومن ناحية أخرى أيضًا، فديكارت لا يثق بالحواس كونها تخلط ما بين الواقع والحلم، فهي غير جديرة بأن تكون مصدرًا للمعرفة، وهنا حتى يمكن تبرير ذلك طبيًا، فالحواس مثلًا تتأثر بوجود اضطرابات عقلية، كالفصام والذهان والاكتئاب وغيرها، ولكن حتى السبب الطبي هنا يجعلنا نتساءل، إذا كانت عقولنا مختلفة في التركيب نفسه، فكيف ستكون المعرفة الذاتية يقينية بأي شكل؟
إذن، هل يمكننا فعلًا الوصول إلى مرحلة اليقين؟
التعليقات