عرفت فيما مضي رجلاً طاعناً في السن .. عاش مع المرض سنوات طويلة من عمره .. حتي ألف المرض و ألفه المرض .. كنت أتعجب كثيراً لأمر هذا الرجل المريض .. فقد كان مصدر فخره دائماً أن معالجيه هم أكبر الأطباء .. لم يكن يتحدث عن مرضه بقدر حديثه عن هؤلاء الأطباء .. كنت أظن أنه لا يتمنى الشفاء حتى لا يفقد هذا الأحساس بالفخر كلما تحدث عن طبيبه الفلاني صاحب أعلي أجر بين زملاؤه ..عاش هذا الرجل حياته لا
الكذب أسلوب حياة
في عام ١٩٤٠ أنتجت والت ديزني فيلماً من أشهر كلاسيكيات الرسوم المتحركة .. الفيلم تم إقتباسه من رواية للكاتب الإيطالي كارلو كلودي .. و قد صُنفت هذه الرواية بأنها من أشهر قصص الأطفال علي الإطلاق .. تحكي الرواية قصة الدمية الخشبية بينوكيو .. و التي صنعها نجار عجوز يعاني من الوحدة .. فصار يتحدث إليها و يقضي معها وقته .. حتي جاءت جنية زرقاء و أحيت الدمية .. و لكي يثبت بينوكيو جدارته كإنسان حقيقي .. كان يتوجب عليها أن
كذب المنجمون
من الظواهر المرتبطة بالعام الجديد نبوءات الدجالين .. و هي إحدي طرق تخدير الناس و فصلهم عن الواقع .. و مسألة الأبراج من وجهة نظر غير دينية مسألة غير منطقية .. فلو أني مسافر مثلاً و قرأت في باب حظك اليوم في إحدي الجرائد " لا تذهب " قد أشعر ببعض القلق .. و لكني سوف أذهب علي أي حال .. فنجاح الرحلة سوف يتوقف علي حالة الطائرة و حالة الطيار و الجريدة لا يسعها معرفة ذلك .. ثم إن
هل نقبل أن يخدعنا الأخرون
حدث بسيط جداً .. قد لا يلتفت إليه أحد .. و لكنه يجعلك تعيد التفكير في أمور كثيرة في حياتك .. وقع ذلك أثناء إصلاحي لإطار السيارة في إحدي الورش .. لاحظت أن العامل يحاول إقناعي بأن الإطار الذي إشتريته منذ شهر يحتاج إلي تغيير .. و عندما لم يفلح ذلك أخبرني أن الإطار المعدني أيضا لا يصلح .. هذا الحدث البسيط جداً رفع لافتة مضيئة أمام عيني .. مكتوب عليها أنني أتعرض للخداع و منذ زمن طويل !! .
أنا أحدهم
كتاب القصص و مؤلفو الروايات يقدمون لك ثلاث شخصيات في قصصهم .. فهناك الشخصيات الرئيسية أو الأبطال .. و هؤلاء يحاول المؤلف أن يصفهم لك بدقة .. حتي أنك تستطيع أن تصنع صورة ذهنية لكل شخصية .. ثم تأتي الشخصيات الثانوية .. و لن يحاول الكاتب هنا أن يقدم لهم وصف دقيق .. و اخيراً الشخصية التي لا يهتم لها أحد و هي شخصية "أحدهم" .. فيقول المؤلف مثلاً .. جاء "أحدهم" .. نظر "أحدهم" .. قال "أحدهم" .. و
هو يريد النجاح و أنا أحلم بالبطيخ
أحد أصدقائي المقربين بعد أن أنهينا دراستنا في كلية الهندسة قرر السفر إلي إحدي الدول الأوروبية .. فأختار هو طريق السفر و أخترت أنا طريق الزواج .. و قد كنت و مازلت أعتقد أنه كان أكثر شجاعة مني .. و قبل أن يصعد إلي الطائرة قلت له " يوماً ما .. بعد عشر سنين من الآن .. سوف تعود إلي مصر .. و أثناء قيادتك لسيارتك المرسيدس سوف تصدم رجل أصلع .. يحمل في يده اليمني جريدة و في يده
و ما زال البحث مستمراً
أسطورة في أحد البلدات الصغيرة المشهورة بالصيد .. تقول الأسطورة أن هناك حوت يباع كبده بثروة ضخمة .. شغلت الأسطورة عقل أحد الصيادين .. فظل طوال حياته يبحث عن هذا الحوت .. فكان زملاؤه يخرجون في البحر فيعودون بصيد وفير .. و كان هو يعود بخيبة الأمل .. فاتته كل مواسم الصيد بحثاً عن الوهم .. فلا هو نال ما يريد .. و لا هو رضي بما يجود به البحر .. فهل كان هذا الوهم يساوي العمر الذي ضاع بحثاً
هل نحن أبناء الفراعنة: ١- التاريخ
لو أن أحداً أخبرك بأن ورقة اليانصيب التي إشتريتها قد ربحت .. فهل ستصدقه ؟ .. إن تصديقك له سوف يتوقف علي سؤالين .. هل إشتريت فعلاً ورقة يانصيب؟ .. و هل ما إذا كنت تثق في محدثك ؟ .. فإن لم تكن قد إشتريتها فإن الخبر يكون كاذباً .. ماذا لو أنه لا يوجد ورق يانصيب أصلاً !! .. و إن لم يكن محدثك مصدراً لثقتك لكان الخبر كاذباً أيضاً .. المعني أن قبول الخبر يعتمد علي مدي معقولية
حديثها التافه
هل حقاً كان شهريار يقتل امرأة كل ليلة؟ .. و ما الذي دفعه لذلك؟ .. هل هو الملل؟ .. وإذا كان شهريار رجلاً ملولاً فكيف إستطاع أن يستمع إلي امرأة واحدة الف ليلة و ليلة .. تقص عليه في كل ليلة حكايتها التافهة؟ .. و هل يوجد هذا الرجل الذي يهجر أصحابه .. أو يترك مباراة كرة قدم .. أو ينسي وظيفته فيسهر كل ليلة حتي الصباح من أجل أن يسمع حكاية من امرأة .. و لمدة ثلاث سنوات. لم
في إنتظار غودو
يجلس شخصان بجوار شجرة جرداء في طريق مقفر .. الرجلان مختلفان تماماً .. فأحدهما شخص بسيط لا يفكر إلا في الطعام .. و هو مشغول دائماً بآلامه و قدمه المجروح .. و الشخص الآخر رجل مفكر عاقل .. و هما يتكلمان دائماً و لكنهما لا يقولان شيئاً .. و يدور بينهما حوار عبثي تغلف كلماته رمزية شديدة التعقيد .. و كل منهما يريد ترك الآخر و لكن لا يستطيعان .. و هكذا كل الروابط الإنسانية التي لا نستطيع التخلص منها
قليل من الملح
الملح له مذاق سيء و هو ليس طعاماً.. فلا يستطيع أحد أن يستمتع بمذاق الملح .. و لا يمكن لأحد أن يشبع من الملح .. و لكن كل أنواع الطعام لا غني لها عن الملح .. و الملح رخيص جدا و يملكه الغني و الفقير .. و لا يستغني عنه الغني أو الفقير .. و الملح لا يتلون .. فليس له لون غير الأبيض .. و كل الناس تحب اللون الأبيض .. و ليس للملح طموح .. فهو فلن يغير
عصا السلطان
سجن يدعي الحفرة يتكون من ٣٣٣ طابق في كل طابق سجينان و يوجد فتحة في ارضية كل طابق .. الفتحات فوق بعضها تماماً .. يتم إعداد مائدة طعام للسجناء علي منصة في الطابق رقم صفر و تتدلي المنصة لتستقر في كل طابق دقيقة واحدة و علي السجناء أن يأكلوا و ألا يحتفظوا بشيء من الطعام و إلا ارتفعت درجة حرارة الغرفة حتي تحرقهم أو إنخفضت فيموتوا متجمدين .. في الطابق ٣٣ يوجد سجين و سجينة و يدور هذا الحوار السجينة
لماذا نحب ؟ و لماذا نكره؟
المشاعر الأنسانية لا يمكن السيطرة عليها .. و لا يحكمها المنطق .. فلا يستطيع الإنسان أن يقرر من يحب أو يكره .. فالحب و الكره لا ينبعان من العقل .. فقد تقابل شخص لأول مرة و تحبه .. و لا تعرف لماذا أحببته .. و بعض الناس يحبون الكلاب و القطط مثلاً .. و بعضهم يكرهون تلك الحيوانات .. أنا ممن يكرهون الكلاب و القطط و ليس عندي تفسير لذلك .. و رغم أني أعرف أن القطط حيوانات جميلة ..
أغرب قصص خيانة الزوجات
ابتعدي عني .. لا تلمسيني .. لا أطيق رائحتك .. صوتك يخنقني .. هذا ما قاله زوج إكتشف خيانة زوجته له علي أحد تطبيقات التواصل .. و كانت تحاول الإعتذار .. فادعت تارة أنها أخطأت .. و تارة اخري أنها لم تشعر بنفسها .. و أنها مريضة .. و تارة ثالثة أنه السبب بأهماله لها .. حاولت بكل الطرق أن تجد لنفسها مبرر أمام الزوج المطعون في شرفه .. و كانت كل محاولاتها تزيد حقارتها في نفس زوجها . كانت
نموت بسم القلق
لقمان الطبيب كان أمهر أطباء عصره .. و مساعده كمون تلميذ نجيب .. و التلميذ قد يتفوق علي أستاذه .. و قد يتمرد عليه .. و قد يدعي التلميذ بأنه أفضل من أستاذه .. لذلك قرر لقمان أن يعاقب تلميذه المغرور .. فقال له : يا كمون أنا أفضل أم أنت؟ .. قال كمون : أنت كنت الأفضل .. قال لقمان : صور لك غرورك انك انت الأفضل إذن ما رأيك أن نجري تجربه حتي تعلم من الأفضل .. قال
شيكولاتة بالصراصير
أفخر أنواع الشيكولاتة السويسرية يتم صنعها من حبوب الكاكاو التي تأتي من مزارع الكاكاو في أفريقيا .. و تكون حبوب الكاكاو عادة مختلطة ببقايا الحشرات لأن الفلاحين في أفريقيا لا يجدون ثمن المبيدات لمحاربة تلك الحشرات .. و أكثر الحشرات حباً للكاكاو الصراصير .. لذلك فإن الشيكولاتة التي تحبها النساء و الحشرات بها نسبة حوالي 0.3 % من الصراصير .. تلك النسبة و إن كانت صغيرة فإنها تخبرنا أن أغني الأغنياء في أوروبا و أمريكا يتأثرون بالفقر الذي تعاني منه
إدي العيش لخبازه
يحكى أن خبازاً عجوزاً قرر أن يوكل إدارة مخبزه لعامل من عماله .. و طلب منه أن يخبز فقط على قدر حاجة الناس .. لا يزيد و لا ينقص .. و أن يرسل إلى بيته أربعة أرغفة كل يوم .. و لكن العامل إستهان بكلام الخباز العجوز .. فلماذا لا يخبز القمح الموجود بالقرية كله فتزيد أرباحه .. ثم لماذا يرسل إلى العجوز أربعة أرغفة في حين أنه يكفيه هو و زوجته رغيفان فقط .. و بعد فترة من الزمن
إخدع نفسك لكي تكون سعيداً
لو قدر لك أن تعلم ميعاد موتك .. و كان هذا الميعاد بعد مائة سنة مثلاً .. و هذا عمر طويل .. فالقليل جداً من الناس من يعيش فوق المائة .. فإنك سوف تعيش كل هذه السنين تعيساً .. تعد الأيام و الساعات و الدقائق إنتظاراً للحظة النهاية .. و السبب بسيط للغاية .. و هو أن معرفتك بلحظة موتك قد نبهك إلي حقيقة مهمة .. و أنت تتغافل عنها .. و هي أنك سوف تموت .. فالجهل بوقت الموت
أين عقلي
ما معني أن يذهب رجل وقور ليشاهد مبارة كرة قدم ثم يقفز من مقعده كطفل صغير عندما يسجل فريقه هدفاً؟ .. و ما معني أن يهتف شاب هاديء خجول في مظاهرة حتي يفقد صوته؟ .. و ما معني أن ينجرف شخص عاقل وراء مشاعره عندما يستمع إلي كلام فارغ لأحد الزعماء السياسيين أو لأحد رجال الدين؟ .. ما هو الشيء الذي جعل هؤلاء جميعاً تتبدل شخصايتهم بين الجماهير؟ .. إنهم جميعاً ينسون أنفسهم بين الناس و لا يفكرون بعقولهم و
البارانويا و وهم السلام
العقل البشري هو أعظم معجزات الخالق سبحانه وتعالى .. و كل معجزات الخالق عظيمة .. و نحن لا نعلم عن أسرار هذا العقل إلا اليسير .. و القليل جداً من الناس من يكتشف قدرات هذه المعجزة الألهية .. إما ببذل الجهد و التدريب و التعلم كما يحدث مع العلماء .. و إما بفتوحات إلهية كما يحدث مع الأولياء .. و إما تحت تأثير أنواع من المخدرات .. فأعذب الشعر كتبه حشاشون .. و أجمل الألحان غناها سكارى .. بعض الأفلام
هل نحن أبناء الفراعنة : ٢- انتو فراعنة يا مصريين
كنا ننتظر دخول ميناء جدة في ساحة واسعة أمام الميناء بعد أداء العمرة .. و كان في الساحة بعض الباعة السودانيين .. فاقتربت إمرأة من بائعة تبيع الملابس .. ثم بدأت تقلب في البضاعة .. و تخرج الملابس من أكياسها ثم تنظر إليها بقرف و تلقيها علي الأرض .. و في النهاية تركت البائعة قائلة : "حاجتك تقرف" .. فنظرت اليها البائعة بإنكسار و قالت " انتو فراعنة يا مصريين " . و أنا لا أعرف كلمة تستخدم للمدح و
الحمار و المنطق
شكي أحد الأشخاص أن حمار جاره قد رفسه .. و أن تلك الإهانة الكبيرة لا يمحوها إلا ضرب الحمار بالشلوت .. و الشلوت هو طريقة الإنسان في الرفس .. الفرق أن رفسة الحمار تكون إلي الخلف .. أما رفسة الإنسان فتكون إلي الأمام .. لذلك قيل في الثناء " شلوت سعادتك دفعة إلي الأمام " .. كذلك فإن الرفس ردة فعل غريزية .. أما ردود الأفعال عند الإنسان فيحكمها غالباً العقل .. لذلك فإن خطأ هذا الرجل أنه أراد أن
نحن هنا و هناك
حكاية تُروي عن أحد الصالحين أنه قرر الحج .. و قبل السفر بأيام صادف أمرأة فقيرة فتصدق عليها بماله و لم يحج .. و بعد أن رجع الناس من الحج ذهبوا إلي بيته يشكرونه علي ما قدمه لهم طوال الرحلة !! .. فما الذي حدث ؟ .. إن ما حدث ظل الناس يفسرونه لأكثر من الف عام بأنه كرامة و أن بن المبارك رجل من أصحاب الخطوة .. و أصحاب الخطوة هم أشخاص من المسلمين لهم المقدرة علي أن ينتقلوا
كلنا سيزيف
وصفه هوميروس بأنه أمكر أهل الأرض و أكثرهم لؤماً .. و عقاباً له علي مكره فقد حكمت عليه الآلهة أن يحمل حجراً علي ظهره و يصعد به إلي قمة جبل .. و كلما إقترب من القمة أفلت منه الحجر و تدحرج إلي سفح الجبل .. إنه سيزيف رمز العذاب الأبدي في الأساطير الإغريقية .. و قد كان سيزيف هذا مصدر إلهام للكثير من الشعراء .. يقول أمل دنقل في ديوانه كلمات سبارتاكوس الأخيرة " سيزيف لم تعد علي أكتافه الصخرة
التفاؤل ذلك السخيف الذي يسكننا
نصف الكوب المملوء .. لطالما كانت هذه الجملة سخيفة بقدر سخافة المتفائلون بلا مبرر .. تماماً كطبيب العظام الذي خرج من غرفة إمرأة عجوز تصارع الموت و كانت قد سقطت من فوق سريرها قبل أيام و كُسر ذراعها .. فلما وجد الطبيب أولادها يبكون تبسم ببلاهة و قال لهم " لا داعي للقلق فحالة الذراع تتحسن"