حدث بسيط جداً .. قد لا يلتفت إليه أحد .. و لكنه يجعلك تعيد التفكير في أمور كثيرة في حياتك .. وقع ذلك أثناء إصلاحي لإطار السيارة في إحدي الورش .. لاحظت أن العامل يحاول إقناعي بأن الإطار الذي إشتريته منذ شهر يحتاج إلي تغيير .. و عندما لم يفلح ذلك أخبرني أن الإطار المعدني أيضا لا يصلح .. هذا الحدث البسيط جداً رفع لافتة مضيئة أمام عيني .. مكتوب عليها أنني أتعرض للخداع و منذ زمن طويل !! .

يقول أحد الحكماء الهنود : أن الأنف تقع فوق الفم مباشرة .. و رغم ذلك لا تستطيع الأنف شم رائحة الفم الكريهة .. المعني أنك قد تنتبه لخداع الغرباء .. و لكنك أبداً لا يمكن أن تشعر بخداع القريبين منك .. حتي أنك لا تنتظر منهم الخداع من الأساس .. و لذلك تكون الصدمة كبيرة عند إكتشافك أنه يتم خداعك ممن تحب .. و عادةً فإن الضربة التي تقتلك لا تأتيك إلا من مأمنك .. فالطعنة القاتلة لابد أن تكون قريبة.

يقال أن حيوان إبن عرس إذا طورد من أحد فإنه يهرب و يراوغ .. حتي إذا حاصره من يطارده .. و أدرك أنه هالك فإنه يهاجم ذلك الذي يحاصره .. و هذا بالضبط ما يحدث عندما تلمح إلي من تحب بأن حبه زائف .. ثم إذا حاصرته بالدليل يهاجمك .. فتدرك فجأة بأنك كنت السيء في رواية كل من تحب .. و يبدو أن ذاكرة الأنسان قد تم برمجتها مسبقاً لتحميل كل ما هو سيء .. و أنها لا تصلح لأن يكتب عليها الأمور الجيدة .

الأنسان لا يستطيع أن يعيش وحده .. فلابد من صديق .. و لابد من حبيب .. و لابد من قريب .. و هنا تكمن المشكلة .. و تزداد المشكلة تعقيداً لو جاء إدراكك لخداع الآخرين متأخراً .. فإن قرار تخليك عن صديق أمضيت معه عمراً مثلاً ليس بالقرار السهل .. و لذلك تجد نفسك بين أمرين .. إما أن تتخلي عمن تحب ثم تمضي في الحياة وحيداً .. أو أنك تقبل بالخداع حتي لا تقع أسيراً لوحدتك.