شكي أحد الأشخاص أن حمار جاره قد رفسه .. و أن تلك الإهانة الكبيرة لا يمحوها إلا ضرب الحمار بالشلوت .. و الشلوت هو طريقة الإنسان في الرفس .. الفرق أن رفسة الحمار تكون إلي الخلف .. أما رفسة الإنسان فتكون إلي الأمام .. لذلك قيل في الثناء " شلوت سعادتك دفعة إلي الأمام " .. كذلك فإن الرفس ردة فعل غريزية .. أما ردود الأفعال عند الإنسان فيحكمها غالباً العقل .. لذلك فإن خطأ هذا الرجل أنه أراد أن تكون مواجهته مع الحمار مواجهة منطقية .. فقد إعتبر أن الحمار قد أهانه حين رفسه .. و أن القصاص يجب أن يكون من جنس العمل .. و ذلك ما يفسد علاقات البشر غالباً .. فالأب مثلاً يتصور أن كتابة إبنه علي الحائط تصرف إرادي و عقلاني .. و أن الطفل لابد بالضرورة قد علم أن هذا التصرف خاطيء .

و أهم العلاقات تأثراً بهذا الفهم علاقة الرجل مع المرأة .. فأكثر الخلافات بين الزوج و زوجته تكون نتيجة إعتقاد الرجل بأن المرأة يجب أن تكون ردود أفعالها عقلانية .. و هذا خطأ بطبيعة الأشياء .. فكما أن رفسة الحمار ردة فعل غريزية .. كذلك فإن ردود الفعل عند المرأة عاطفية .

مثلاً يعول الزوج كثيراً علي إحسانه إلي زوجته عند الخلافات .. وهذا ما يصيبه بالإحباط .. فإنكار الجميل عند المرأة صفة فطرية .. و كما لا نلوم الحمار إذا رفس .. فإن المرأة لا تُلام لإنكار الجميل .. و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم " لو أحسنت إلي إحداهن دهراً ثم رأت منك شيئاً قالت ما رأيت منك خيراً قط " .. و الرجل يري أن تحمله لأعباء زوجته هو طريقته في إظهار حبه لها .. و هي لا تري ذلك .. فالمرأة لا تريد إلا كلمة حب .. و الرجل يري أن الكلمة لا تكلفه مالاً .. عكس ما يقوم به تجاه زوجته .. لذلك فإنه بحساب الأرقام يعتقد أنه يفعل الشيء الصحيح .

خلاصة القول أن العقل و المنطق هو ما يفسد العلاقة بين الرجل و المرأة و هذا بالطبع ينافي العقل و المنطق و لكن تلك هي الحقيقة .