إن جملة (المرأة نصف المجتمع) هي جملة مضحكة جدًا وساذجة بالنسبة إلي؛ حيث أنه من الطبيعي أن تكون المرأة نصف المجتمع بما أن الجنس البشري ينقسم إلى نوعين لا أكثر، رجالًا ونساء. إلا أن كان هناك نوع ثالث لا أعرف عنه شيء يُقاسم الرجال في نسبتهم من المجتمع.
وعلى قدر سذاجة هذه المقولة على قدر خطورتها وتأثيرها المدمر على عقول النساء في المجتمع بل والرجال أيضًا؛ فهي كانت المفتاح الذي ولج بواسطته القائلين بها إلى عقول المجتمع أجمع، فزرعوا في خلاياها أن المرأة التي تشكل نصف المجتمع هي سبب دمار الأمة الإسلامية والعربية، وانحراف الشباب، وضياع أجيال المستقبل وتدمير حيواتهم. هي سبب كل الكوارث التي حلت بالمجتمعات العربية، لماذا؟ لأنها انتهجت طرقًا مغايرة في العيش لتلك التي انتهجتها الجدات وجدات الجدات من قبل.
ما يحدث اليوم هو محاولة القاء مسؤولية كل شيء على عاتق المرأة، من خلال التوجيهات المستمرة لها دونًا عن الرجل.
خذ جولة على الفيسبوك، خذ جولة على برامج التلفاز، في الشارع، في أي مكان ستجد أن أغلب النصائح توجه للنساء، سواء من جانب النسويات، أو من الجهة المقابلة لهم.
في حين أن المحتوى الذي يُناقش شذوذ الرجال، وانحرافهم عن الطريق والدور الحقيقي لهم لا يُقارن بتاتًا بالمحتوى المضاد. هل فكرنا يومًا في التوقف عن توجيه الحديث إلى المرأة وقلب الدفة إلى الجهة الأخرى؟
هناك الكثير من العوار في صفوف الرجال يتم تجاهله بصورة غريبة.
إن الواقع اليوم يُقر بأن أغلب نساء المجتمع صرنا عاملات في وظائف شتى، حكومية كانت أو غيرها. ليس رفاهية ولكن تحسينًا لوضع اجتماعي، أو سدًا لنقص من جانب الشريك الآخر. وإن لم تفعل ذلك فستعاني الأمرين بلا ريب.
المرأة عليها واجبات تفوق واجبات الرجل أضعافًا مضعفة، فهي عاملة، ربة منزل، مصاحبة لأبنائها في رحلات المدراس والدروس والتمارين الرياضية، ومدرسة خصوصية منتصف اليوم، زوجة في آخره.
في حين أن الرجل ليس عليه سوى توفير المال لا أكثر، وحتى هذا ليس جيدًا فيه كفاية حيث أن شريكته تشارك في هذا الدور أيضًا.
أنا هنا لا أنكر دور الرجل ولكن أوضح الأمور كما هي على أرض الواقع في محاولة لفهم السبب او الجرم الذي ارتكبته غالبية النساء حتى يتم شن هذه الحملات المستمرة عليهن ليل نهار. منذ سنوات لا أذكر عددها.
إن تصريحات متصدرات المشهد النسوي لا تمثل أي شيء بالنسبة لنساء المجتمعات، هي مجرد هراء يتم تصديره للرأي العام، لتعاقب عليه المكافحات الحقيقيات في الأخير.
كفانا حديثًا عن المرأة، كفانا اتهامًا لها بفساد الأوضاع وسوء الأحوال، فهي تبذل أقصى ما في وسعها حتى تضمن لنفسها ولأبنائها حياة شبه آدمية، ولنوجه حديثنا للرجال قليلًا. نحثهم على حضور دورات التأهيل للزواج، التربية، التأهيل النفسي، التعلم عن الدين بشكل أوسع، التعلم عن المرأة وفهم شخصيتها المعقدة، التعلم عن التدبير المالي وطريقة تحسين الدخل ما يكفل لهم حياة كريمة بلا اضطرار لعمل زوجاتهم.
يشهد كل من قدم دورة من هذه الدورات أن أغلب الحضور كن نساءً مع عدد لا يذكر من الرجال.
الفجوة تتسع، وما لم يبدأ الطرف الآخر في التحرك سعيًا للنهوض سيسوء الوضع لدرجة لن يكون في استطاعة أي أحد السيطرة عليه.
التعليقات