وصفه هوميروس بأنه أمكر أهل الأرض و أكثرهم لؤماً .. و عقاباً له علي مكره فقد حكمت عليه الآلهة أن يحمل حجراً علي ظهره و يصعد به إلي قمة جبل .. و كلما إقترب من القمة أفلت منه الحجر و تدحرج إلي سفح الجبل .. إنه سيزيف رمز العذاب الأبدي في الأساطير الإغريقية .. و قد كان سيزيف هذا مصدر إلهام للكثير من الشعراء .. يقول أمل دنقل في ديوانه كلمات سبارتاكوس الأخيرة " سيزيف لم تعد علي أكتافه الصخرة يحملها الذين يولدون في مخادع الرقيق " .. فقد كان سيزيف عند أمل دنقل رمزاً لإستعباد الإنسان و قهره .. لكن هل سيزيف وحده هو من يعاني ذلك العذاب الأبدي ؟ .. أليس سيزيف هذا رمزاً للإنسان في كل زمان و مكان ؟ .. و هل سيزيف وحده هو من يحمل الحجر ؟ .. و هل هو حجر واحد ؟ .. إن الحياة إعتادت أن تلقي علي اكتافنا أحجاراً كثيرة .. فكلنا يحمل حجره أو أحجاره .. أنا مثلاً دائماً ما أتذكر سيزيف و أنا أبحث عن سلسلة مفاتيحي كلما هممت بالخروج .. و لم يدفعني هذا أن أخصص لها مكان ثابت لأجدها كلما إحتجت إليها .. هذا حجر صغير و لكنه دائماً ما يؤرقني .

و يحكي رجل أنه ذات يوم وجد إطار سيارته فارغ .. و لضيق وقته إضطر أن يملأ الإطار بالهواء بدلاً من إصلاحه .. و في اليوم التالي حدثت نفس المشكلة فكرر ما فعله .. حتي أصبحت هذه عادته في كل يوم .. ثم فكر أن يوفر نفقات ملأ الإطار بأن يشتري كباس كهربي ليملأ الإطار بنفسه .. و كان يكرر هذا الأمر يومياً قبل الذهاب إلي عمله .. و لم يفكر أبداً أن يصلح الإطار .. كما أني لم أفكر في تعليق سلسلة مفاتيحي في مكان واحد .. و كما أن سيزيف لم يفكر أن يلقي هذا الحجر علي الأرض و يسند إليه ظهره .. فما الذي ينتظره سيزيف إذا نجح في أن يضع صخرته علي قمة الجبل !!! . و ما هو الفارق بين أن ترفع صخرة علي قمة جبل من الصخر أو أن تلقها علي سفحه.

إن الفرق بين صخرة سيزيف و إطار هذا الرجل أن سيزيف لم يختر أن يحمل الصخرة أما الرجل فأختار أن يحمل هم الإطار بإرادته .. و كأن قدر الإنسان أن تظل علي ظهره الصخرة .. فإن لم تلقها عليه الحياة ألقاها علي نفسه .