أسطورة في أحد البلدات الصغيرة المشهورة بالصيد .. تقول الأسطورة أن هناك حوت يباع كبده بثروة ضخمة .. شغلت الأسطورة عقل أحد الصيادين .. فظل طوال حياته يبحث عن هذا الحوت .. فكان زملاؤه يخرجون في البحر فيعودون بصيد وفير .. و كان هو يعود بخيبة الأمل .. فاتته كل مواسم الصيد بحثاً عن الوهم .. فلا هو نال ما يريد .. و لا هو رضي بما يجود به البحر .. فهل كان هذا الوهم يساوي العمر الذي ضاع بحثاً عنه .. و هل كان يستحق أن يشغل عقل ذلك الصياد و قلبه .. كما يشغل عقولنا و قلوبنا وهم أخر أسمه السعادة .. تلك الكلمة الفارغة من أي مضمون .. و التي لا يتفق إثنان علي معني لها .. فيراها البعض في المال .. و يراها البعض في العمل .. و يراها البعض في أشياء أخري .. و قد يختلف معناها من زمان إلي زمان .. و من مكان إلي مكان .. و لكن نسبة كبيرة من الناس تتفق أن المال هو ما يجلب السعادة في هذا الزمان .. و الذي غلبت عليه المادة .. و أصبح كل شيء يباع و يشتري فيه .

فهل المال حقاً يجلب السعادة .. إذا كان من الناس من يسرهم الأبناء .. فهل يصلح المال الأبناء .. و إذا كان البعض يري السعادة في الصحة .. فهل يملك المال أن يعيد الصحة .. و إذا تلاشت المحبة و الود بين الناس .. فهل يمكن للمال أن يضمن لك قلوب من تحب .. نعم بالمال تشتري سيارة تفرح بها قليلاً .. ثم تصبح أحد الأشياء في روتينك اليومي .. بالمال تتزوج فتاة جميلة تتملك به جسدها و لكنه لا يضمن لك قلبها .. ثم إذا كان المال وسيلة .. فلماذا نجعله غاية الغايات .. لماذا نعتقد أن وهماً اسمه المال يجلب وهماً اخر أسمه السعادة .. لو أن شيئاً يستحق أن نسعي من أجله في الدنيا فلن يكون السعادة .. السعادة فقط مع أول قدم تضعه في الجنة .. و أما الذي يستحق أن نسعي من اجله بالفعل فهو الرضا .. و الرضا يمنحنا راحة البال .. فهو السلاح الذي ننجو به من تلك الحياة .. فلا حزن علي ما فات .. و لا أسي علي ما مضي .. و لا مشقة .. و لا ندم