لو قدر لك أن تعلم ميعاد موتك .. و كان هذا الميعاد بعد مائة سنة مثلاً .. و هذا عمر طويل .. فالقليل جداً من الناس من يعيش فوق المائة .. فإنك سوف تعيش كل هذه السنين تعيساً .. تعد الأيام و الساعات و الدقائق إنتظاراً للحظة النهاية .. و السبب بسيط للغاية .. و هو أن معرفتك بلحظة موتك قد نبهك إلي حقيقة مهمة .. و أنت تتغافل عنها .. و هي أنك سوف تموت .. فالجهل بوقت الموت قد منح الإنسان إحدى الخدع النفسية التي تساعده على أن يعيش سعادة زائفة .. فهو دائماً ما يخدع نفسه بأن يصور لها وهم الخلود .

أغلب المدخنين لا يغيرون السجائر التي يدخنونها إعتقاداً منهم أنهم إعتادوا علي مذاق نوع واحد و لا يمكن لأي نوع آخر أن يشبع رغبتهم في التدخين .. و قد ذكر أحد الادباء أن له صديقاً لا يغير ابداً ماركة التبغ التي يدخنها .. و أنه لا يستسيغ الأنواع الأخرى .. فقرر احدأصدقائه ذات مرة أن يضع له نوع رديء من السجائر في علبة التبغ الخاصة به .. و عندما تناول سيجارة لم يشعر بالفرق مطلقاً .. و في قمة النشوة نفث الدخان في سقف الغرفة .. و تلك خدعة نفسية أخرى .. و التدخين أساساً إحدي أكبر الخدع النفسية .

و الإنسان في طريقه نحو السعادة يحاول خداع نفسه مراراً و تكراراً .. فهو يخدع نفسه تارة بالأمل .. و الأمل يخدرنا و يجعلنا نظن أن الأفضل قادم بعد قليل .. و قد يكون هذا القليل هو العمر كله .. و ليس في هذه الحياة خير إلا الأمل في حياة أخرى .

و هو يخدع نفسه تارة أخرى بأن الزواج سوف يجعله سعيداً .. فالأعزب يظن أنه تعيس .. و لكن المتزوج متأكد من ذلك.

و هو يخدع نفسه بأنه ليس وحده .. و الحقيقة أنه ولد وحيداً و سوف يرحل وحيداً .

و خداع النفس لن يجلب السعادة و لكنه في الحقيقة يساعدنا كي نواصل السعي في تلك الحياة.