في عام ١٩٤٠ أنتجت والت ديزني فيلماً من أشهر كلاسيكيات الرسوم المتحركة .. الفيلم تم إقتباسه من رواية للكاتب الإيطالي كارلو كلودي .. و قد صُنفت هذه الرواية بأنها من أشهر قصص الأطفال علي الإطلاق .. تحكي الرواية قصة الدمية الخشبية بينوكيو .. و التي صنعها نجار عجوز يعاني من الوحدة .. فصار يتحدث إليها و يقضي معها وقته .. حتي جاءت جنية زرقاء و أحيت الدمية .. و لكي يثبت بينوكيو جدارته كإنسان حقيقي .. كان يتوجب عليها أن يخوض عدة مغامرات .. و لكن بينوكيو و كعادة الإنسان الحقيقي كان يلجأ إلي الكذب للهروب من أي مأزق .. و كان كلما كذب كذبه طالت أنفه .. فالكذب له علامات .. و العلماء يقولون أنه كلما زاد الفرق بين درجة حرارة الأنف و الجبين كان الشخص كاذباً .. و هكذا ظل بينوكيو يكذب حتي صار الكذب أسلوب حياته .. إلي أن إنتهي مشنوقاً علي جذع شجرة جزاءً له علي كذبه و خداعه .. و يبدو أن مؤلف الرواية كان يري أن الإنسان الحقيقي لا يكذب و لذلك صنع تلك النهاية المأساوية لأشهر كذاب علي مر التاريخ .. و الحقيقة أن هذه نظرة رومانسية حالمة .. فالكذب طبع أصيل في الإنسان .. و لذلك إخترع عيداً للكذب في إبريل من كل عام .

و لكن لماذا يضطر الإنسان للكذب ؟ .. يمكن تسويغ الكذب بعدد من المبررات .. الخوف مثلاً .. الطمع و الرغبة في تحقيق مكاسب شخصية .. و قد يكون هناك أسباب محمودة مثل الكذب تجنباً لجرح مشاعر الآخرين .. و هنا يظل الكذب وسيلة و يمكن قبوله و التعامل معه بهذا الشكل .. أما عندما يتحول الكذب إلي غاية فهنا تكمن الأزمة .. فحين يتحول الكذب إلي أسلوب حياة .. و يكذب الإنسان دون أي مبرر .. فكيف يمكن التعامل مع الكاذب في هذه الحالة .. و في الحديث الشريف " لا يزال الرجل يكذب و يتحري الكذب حتي يكتب عند الله كذابا" .. و عندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المؤمن يقع في بعض الذنوب قال نعم و عندما سئل هل يكذب المؤمن قال لا .. و الكاذب بلا مبرر غالباً ما يكون لديه ذاكرة سيئة . و قد قيل إذا كنت كذوباً فيجب أن تكون ذكوراً .. لذلك فإن كذبة تفضح كذبة سابقة عند الكذاب .. كذلك فإنه غالباً ما يعلم أن كذبه مفضوح .. و لكنه يكذب رغم ذلك .. و الحقيقة أن الكاذب لا يفقد مصداقيته فقط لدي الناس .. و لكن كذبه يصيبهم بالغثيان أيضاً .