يحكى أن خبازاً عجوزاً قرر أن يوكل إدارة مخبزه لعامل من عماله .. و طلب منه أن يخبز فقط على قدر حاجة الناس .. لا يزيد و لا ينقص .. و أن يرسل إلى بيته أربعة أرغفة كل يوم .. و لكن العامل إستهان بكلام الخباز العجوز .. فلماذا لا يخبز القمح الموجود بالقرية كله فتزيد أرباحه .. ثم لماذا يرسل إلى العجوز أربعة أرغفة في حين أنه يكفيه هو و زوجته رغيفان فقط .. و بعد فترة من الزمن أراد الخباز الشاب أن يشتري دجاجة و لكنه لم يجد في القرية دجاجة واحدة .. ثم قرر أن يزور الخباز العجوز .. فوجد في بيته حظيرة من الدجاج .. و لكن الدجاج في الحظيرة جائع لا يجد ما يأكله .. فأخبر الخباز العجوز انه لم يجد دجاجة واحدة في القرية ليشتريها .. فقال العجوز و من أين يجد الدجاج طعامه و قد خبزت القمح كله .. و عندما سأل زوجة العجوز عن حظيرتها قالت " يا ولدي طلب زوجي أن ترسل لنا اربعة أرغفة و كنا نأكل رغيفين و نطعم الدجاج رغيفين" .. يا ولدي إدي العيش لخبازه و لو هياكل نصه .

و لكن لأننا لا نتمتع بنيات سليمة فقد إرتضينا أن نعطي العيش لخبازه حتى لو سرق نصفة .. و الخباز لم يكن يريد أن يسرق نصف الخبز و لكنه فقط أراد أن يطعم دجاجه .. و الحقيقة أنه علينا أن نعطي العيش لخبازه .. فليس من الحكمة أن يكون من يصنع الخبز نجاراً أو حداداً .. ثم علينا بعد ذلك أن نراقبه حتى لا يسرق نصفه .. فسرقة الخبز كارثة .. و الجهل بالصنعة كارثة .. فلو أن من بنى مصر كان مهندساً و لم يكن حلواني لما امتلأت بتلك العشوائيات .. و لماذا أُسندت مهمة بناء مصر من الأساس لذلك الحلواني .. و لماذا تركوا المهندسين يجلسون على المقاهي .. و لماذا يجلس كل الخبازين على المقاهي .. بينما من يخبزون لنا نجارون أو حدادون .. حتى أصبح خبزنا نشارة الخشب و برادة الحديد .