"القانون سيأخذ مجراه" هذه العبارة لطالما سمعناها في بلداننا العربية، لكن هل يأخذ فعلاً مجرى متوقّع؟ "بكرا حلمي كون…" وهذه عبارة أخرى نسمعها أيضاً من الأطفال الصغار والشباب الثلاثيني أيضاً وهل فعلاً يكون غداً كما نحلم؟ وحتى في الشعر يقول محمد درويش "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" ولكنّهُ بعد ذلك يُعدد الكثير من الأشياء ليُثبت هذه العبارة، فوضى حتى في ما نختار من أمور تستحقُّ الحياة فعلاً، وهتا أعتقد أنّ كل ما سبق يمثّل 1% من الفوضى، الفوضى الحقيقية التي تعرفها مجتمعاتنا العربية.

مسلسل فوضى مثلاً للكاتب الروائي حسن سامي يوسف وشريكه الكاتب نجيب نصير يستعرضان أجزاء من الفوضى على الأقل في العصر الذي مرّت منه الحرب في سوريا، يستعرضون بعيداً عن الحرب، يُناقشون الإنسان، الإنسان العربي، فوضاه، لماذا يختلف الإنسان العربي بعالمه عن غيره من الشعوب في مسألة الفوضى تحديداً؟ يُجيب العمل مثلاً عدّة أجوبة، بعضها كليشيه إن أُخبِر، لكنّهُ جميل بالدراما، جميلٌ أن نرى هذه الأمور في الحكاية، فالأسباب كانت: العدل المفقود، الظلم، التسلّط، عدم الإيمان بالمنطق الذي يحكم كلّ شيء، التكبّر والإصرار على الغلط حتى حين نعلم أنّهُ غلط. 

لكن ما أهم نقطة في المسلسل والأهم من كل ذلك في الموضوعة نفسها؟ 

التراكم! نعم التراكم، هذا نراه يومياً في شوارعنا، تراكم الغلط، حين نرى مثلاً شريطاً كهربائياً يعبر منزلاً من جهة إلى جهة، أريدك أن تسأل:كم يحتاج هذا الشريط من وقت ليشاركه المكان ألف شريط آخر، ليتراكم حوله الكثير من الغلط، وهذا التراكم كم يحتاج حتى يصبح مشكلة، ومشكلة عصيّة على الحل أيضاً؟ وقتٌ قصير - تلك الإجابة تُخيفني، لإننا نُمارسُ ذات الأمر ولكن ليس في الشارع بل في الوطن كُلّه، وليس بالشريط الغير مناسب في المكان ولكن بالأخلاق الفاسدة والأعمال المعوجّة والتبريرات المُخجِلة والاعتماد على نقيض المنطق في كل شيء.

هل تعرف ما هي مقولة المسلسل كلّه؟ هي عبارة جاءت كالتالي: المُدن لا تشيخ بتراكم العصور، بل بتراكم الإهمال!

والأن أخيراً: ما الذي تعتقده من وجهة نظرك سبب فوضانا العربية؟ وهل تعتقد أنّ هذه الفوضى سمة مميزة عربياً فقط أم شأن يحكم العالم؟