جرت العادة السيئة عند كتابة رواية أو حكاية أن يخرج المؤلفُ ذلك القارئَ من الزمن الحالي وينتقل به إلى فترة زمنية سابقة، بحيث يكشف عن أحداث في الماضي من شأنها أن تعين القارئ على فهم القصة، أو ربما تزيدها تعقيدا وتشويقاً.

وهذا برأيي هي أسوء تقنية قد مرّت على الحكي، الروي، في السينما، رُبما قد تنجح مرّات في الرواية لكنّها ستفشل بكل تأكيد في السينما، لماذا؟ 

لإنّهُ الحل الأسهل، هذه أسهل الحلول التي قد ينتهجها أي راوي بالصورة أو بالكلمة. 

فعوضاً أن يُكلّف نفسهُ أن يجعلك تعرف ما يحصل بطرق ذكية، يبني على الماضي ويريك إيّاه، ليبرر ما يصير في الحاضر، غالباً من يستخدم هذه الأمور يجهل الطريقة التي سيصيغ بها قصّته في خط واحد ماتع، فيرهقك بانتقالاته بين الأزمنة، ليلملم قصّته!

هذه التقنية غير ضرورية، فلم ما زالت تُستخدم؟!

لإنّ هُناك بضع محترفين استخدموها، فبرّر هذا الفعل الاستسهال للجميع، أمثال من استخدموها، أهم من استخدموا هذه التقنية: المخرج كوبولا والكاتب ماريو بوزو في العراب، تظهر لقطات الفلاش باك الفارق بين رحلة صعود كل من الأب والابن حيث يتضح تعاطف فيتو كورليوني مع العائلة والأصدقاء مع مسحة من الشعور بالعزة، على عكس مايكل الذي يظهر شخصية أكثر قسوة في إدارته لإمبراطورية العائلة، ليتضح الفارق بين الشخصيتين بسبب استخدام الفلاش باك في مكانه الصحيح..

على كاتب السيناريو معرفة تأثير لقطات الفلاش باك على قصته عند عرضها على الشاشة، وينبغي التفكير أثناء كتابة تلك اللقطات كيف ستظهر على الشاشة، سواء كانت ستقدم في السياق نفسه لباقي مشاهد الفيلم، أو ستكون مصحوبة بتغيير في لون أو شكل الشاشة، أو ببعض المؤثرات الصوتية والبصرية.

ولا يفضل استخدام الفلاش باك إذا كان السرد الخطي للأحداث كافيا لإخبار المتلقي بأحداث الماضي التي لا بد منها لفهم القصة.

عربياً استُخدمت هذه التقنية في مسلسلين مُهمّين، فرق توقيت والندم، الثاني للكاتب الكبير حسن سامي يوسف، لكن هل تعلم عزيزي القارئ أنّ مسلسل الندم بُني على ثيمتين من حيث اللون بسبب ذلك؟ أي أضاف تعباً ومالاً غير مبررين جداً على كاهل المخرج والمنتج مُجرّد فعل بسيط كهذا؟ 

والأن أنت، هل تُفضّل عمل ما كانت تُستخدم فيه هذه التقنية والسؤال الأهم: هل تُفضّل وجودها في الأعمال البصرية؟