اذا كنت تشاهد الأفلام الهادفة والواقعية التي تناصر دائماً الضعيف وتنتصر للإنسانية وتحب التغيير والتمرد الايجابي فلا بد أنك من محبين الممثل روبن ويليامز، سأحدثك اليوم عن أفضل أفلامه بل ربما أعظمها وهو مجتمع الشعراء الموتى.
يبدأ الفيلم في مدرسة داخلية عريقة "أكاديمية ويلتون" حين يتم تعيين "جون كيتينغ" _وهو الدور الذي يقوم به الممثل روبن ويليامز_ أستاذاً جديداً لأداب اللغة الانجليزية، ما يجب أن نعرفه عن جون كيتينغ هو أنه الأستاذ الذي نود جميعاً أن نحظى بمثله، واثق جرئ مختلف لا يلّقن الشعر والأدب كما في الكتب فقط فيأخذ تارة طلابه ويخرج بهم للحديقة ليوسع مداركهم في فهم الطبيعة وارتباطها بالحس الفني والجمالي للشاعر ويعطيهم ما يتحاجون من الدرس دون حواشي لا فائدة منها وهذا ما يثير حنق الأساتذة الأخرين.
يعجب الطلاب بأسلوب استاذهم، ويقومون بتأسيس مجتمع الشعراء الموتى، يجتمعون في كهف قرب الأكاديمية داخل الغابة ليتبادلوا دراسة الشعر وآرائهم وبعض مشاكلهم والقصص الطريفة، تتغير شخصياتهم ونظرتهم للحياة، يبدأو بالتفكير الحر والانتقادي والاعتراف بافكارهم الخاصة وليس افكار المجتمع، وحيث أن المدرسة راقية فإن أغلب طلابها ينحدرون لعائلات نبيلة منهم سياسيون ومنهم أطباء ومنهم رجال أعمال، لكل منهم تصور خاص حول مستقبل ابنها.
يساعد "كيتينغ" طلابه على قيادة أحلامهم والاصرار على تحقيقها بشكل معنوي مميز ليندفع كلاً منهم نحو البحث عن نفسه ومستقبله دون الانصياع لرغبات العائلة.
يقوم بتخليص "تود" من ظل شقيقه حيث أنه دائماً يتم تعريفه كظل لشقيقه المميز دون أن يكون له صوت أو كلمة أو حتى رأي يعبر به عن نفسه، دائماً ما يخبر نفسه أن لا يريد التحدث فكل شيء يستحق الحديث قد تحدث به شقيقه لذا يبدو منطوياً منعزلاً خجولاً لا يشارك في الفصل ولا يفعل شيء غير الإنصات.
وفي مشهدٍ عظيم يخبر كيتينغ "تود" أن يقف أمام زملائه في الفصل ليقول الشعر الذي طلب منهم كتابته، لكن "تود" يتردد ويخجل ويخبره أنه لم يكتب شيئاً، وهنا يساعده كيتينغ بطريقة ابداعية تعبر عن فكر واسع وفلسفة عميقة، تعتبر من أفضل مشاهد السينما للممثل روبن ويليامز.
من الجدير بذكره أن هذا الفيلم تم تصويره واصداره في الثمانينات ليعبر عن نقلة مهمة ونوعية للسينما النفسية والفكرية وليؤثر كثيراً على ادراك الأسس التعليمة والثقافية في ذلك الوقت.
لكن ماذا عنّا؟ نحن الأن أين؟ لا أقصد التعميم ولكن الكثير منكم يشاهد بالفعل الأنظمة التعليمية التلقينية والأساتذة على اختلاف مستوى تعلمهم من أستاذ فدكتور إلى برفسور. يدخلون قاعة التدريس يقرأون الورق دون وجود تلك اللمسة السحرية التي تجعلك تريد أكثر وأكثر وتحب المعرفة والاطلاع والتغيير، لاننا في ذلك الوقت نكون أكثر قابلية للتشكيل الفكري.
لا أشمل الكثيرون فقد تعرفت في فترتي الجامعية على بروفسور وحيد قادر على ترك هذا الأثر داخلي وقادر على جعلي أنتظر المزيد وأتطلع لوقت المحاضرة بفارغ الصبر للاستفادة، هل شاهدتم الفيلم وهل كانت لديكم تجربة مماثلة مع شخص ترك فيكم أثراً تلك الفترة؟
التعليقات