ليس من السهل على أي علامة تجارية أن تواجه سيلًا من الانتقادات، لكن الأصعب هو أن تستغل هذه الانتقادات لصالحها وتحولها إلى ميزات تنافسية. "بلبن" لم يكن مجرد منتج أثار الجدل، بل علامة تجارية أتقنت فن التسويق العكسي، حيث استخدمت العيوب التي كان يراها البعض نقاط ضعف، وجعلتها مصدر قوة لا يمكن تجاهله.

من أبرز الانتقادات التي واجهتها العلامة التجارية كان اختيارها لأسماء منتجات غريبة يتحرج البعض من نطقها أو يجد صعوبة في تذكرها. وبدلًا من تغيير الأسماء أو تبسيطها، استغل "بلبن" هذا الجدل لصالحه، فجعل الأسماء عنصر من عناصر التميز والهوية، مما دفع الناس للحديث عنها أكثر، سواء بالسخرية أو بالإعجاب، ليصبح تكرار هذه الأسماء وسيلة تسويقية غير مباشرة تعزز انتشارها.

حتى حملتها الإعلانية الأخيرة لم تقدم إجابات واضحة على كثير من تساؤلات المستهلكين، بل اكتفت بالاعتذار في إطار كوميدي، وكأنها تعتذر من موضع قوة لمنافسيها الذين لم يواكبوا تقدمها. هذا النهج، رغم كونه مثيرًا للدهشة، ترك تساؤلات مفتوحة حول حقيقة المنتج وجودته.

بعد انتهاء الضحك، ما الذي يدفع المستهلك للشراء؟ هل يعرف نوع اللبن المستخدم، وهل هو طبيعي 100% أم يحتوي على إضافات؟ ماذا عن الخيارات المختلفة التي تناسب جميع الفئات، مثل الأشخاص الذين يعانون من حساسية اللاكتوز؟ هل هناك نسخة لاكتوز فري؟ وهل المنتج مناسب للأطفال؟ كذلك، هل هناك بدائل صحية مثل إصدار خالٍ من الجلوتين أو غني بالبروتين لمتبعي الأنظمة الغذائية؟ وحتى إن اقتنع المستهلك، هل تجربة الشراء نفسها سلسة أم يواجه مشاكل مثل تأخير التوصيل؟

التسويق الناجح لا يقتصر على خلق ضجة وجذب الانتباه، بل يجب أن يكون مدعومًا بمنتج يلبي احتياجات المستهلكين ويحل مشكلاتهم الفعلية. لكن ماذا لو كان المستهلك ينجذب فقط للحملات الترفيهية دون أن يفكر في المنتج نفسه؟

هل يمكن لأي علامة تجارية أن تنجح في استخدام التسويق العكسي، أم أن الأمر يتطلب جرأة وقدرة على قراءة السوق بطريقة مختلفة؟