"في الوقت الذي يستغرقه التاجر الذكي للتفكير يكون التاجر الغبي باع واشترى" مثل شعبي
إن مفاهيم كالغباء والذكاء والاكتئاب والسعادة هي مفاهيم فضفاضة جدا تحمل الكثير من الكثير من التفسيرات والمعاني والتعريفات ....
وان الغوص في فهمها دوما ما يحمل رونقا خاصا بالنسبة لي ..يوفر لي شعورا بالانفصال والذهاب بعيدا الى عالم شاعري كعالم الروايات لكنه مرتبط بالواقع ارتباطا كليا ...
وكثيرا ما انتهي في رحلات تأملي إلى سؤال يبدو بسيطا سهلا واضح الاجابة في بداية الأمر ولكن مع الغوص اكثر واكثر يتضح انه معقد غامض بعيد الاجابة ..
هل الذكاء يؤدي إلى السعادة أم إلى الاكتئاب؟!
هل الكئيب وصل إلى الاكتئاب بسبب غباءه و هل السعيد وصل إلى السعادة بسبب ذكاءه؟!
في سنين مراهقتي كنت أعتقد جازما أن الذكاء سبب مباشر للسعادة وأنه كلما ارتفع حظك من الذكاء كلما ارتفع حظك من التنعم بالحياة الجميلة ...وإني الأن أرى بكل وضوح سذاجة النظرة وسطحيتها إلا أنني أغفر لنفسي خطأها عاذرا إياها بتأثرها بمعايير مجتمعية قاسية توصل رسالة مباشرة أو غير مباشرة أنك مقبول كلما بلغت درجة أعلى من تحقيق المعايير وانك في امان اكبر كلما استطعت تنفيذ الاوامر وانهاء المهمات التي اوكلناك بها ...
ولكن عندما دخلت خضم الحياة "الأكثر عملية" بدأت بعض النماذج تكسر فقاعة منطقي السطحي ..
فكم من غبي كان غباءه غشاوة عن رؤية التحديات والمخاطر فراح راكضا وراءها باندفاع حاصلا على اجمل التجارب المشوقة ..
وكم من ذكي علمه منطقه البارع وفهمه الفطن اساليب الحياة السليمة فكانت تلك الاساليب سجنه المظلم والممل حائلا بينه وبين ابسط تجربة من تجارب المتعة والجمال ...
كم من غبي لم يخطر بباله اصلا المستقبل حتى يقلق بشأنه ولم يفكر اصلا بمبادئ العدالة المثالية حتى يغضب لأجلها ولم يضع لنفسه الأحلام والطموحات العالية حتى يحزن لعدم تحققها ...
وكم من ذكي صار المستقبل في ذهنه أبشع أفلام الرعب
وكانت العدالة في قلبه أبعد من يوتوبيا منالا
وكانت طموحاته تتجاوز حدود المعقول والا فاذا كانت من المعقول ما المميز بها اذا ؟!....
اذا الاجابة تتجه الى ان الغباء اقرب للسعادة والذكاء اقرب للاكتئاب ؟!
ليس بعد فمن سمع لطرف احرى به الاستماع للطرف الاخر ...
والطرف الاخر هنا يقول لنا :
وهل تُلمس المعاني العميقة الا من قبل العقول المستعدة
وما معنى السعادة ان كانت مقتصرة على تجارب الحواس ولم تغص عميقا في تشابكات الحدس الذي لا يفهم معناه الغبي اصلا ...
هل يمكن ان نصل للقصور المشيدة والانظمة الدقيقة حيث تجد الروح الامان والنفس الشعور الحقيقي بالانسانية من دون معرفة عميقة وذكية للواقع الفيزيائي والكيميائي للحياة..
هل يمكن أن نقيم العلاقات العميقة سواء العملية منها أو العاطفية من دون امتلاك الحيلة والخدعة الذكية على حساب اللطف والبساطة الساذجة
هل يجد الانسان الفهم الواضح والمريح للنفس لتخاليط الواقع ان لم يكن قادرا على فهم الانظمة العلمية الدقيقة فهما يصعب بشدة على الاغبياء ...
الذكاء والغباء والسعادة والاكتئاب علاقات معقدة وشبكة من احتمالات السبب والنتيجة ...برأيكم ما هي ملامح العلاقة او مبادئها الأساسية؟!
التعليقات