مرحبا بكم
أخوكم؛ محمود درويش؛ باحث بعلوم الذات ومحاضر جامعي بحقل الموارد البشرية؛ اختصاصي بالغ الدقة وخاصة، في مجال الدراسات السلوكية ونمذجة الطبائع البشرية. أسعد كثيرا بأن أتلقى استفساراتكم وأن أجيب عنها بأمانة تامة وحيادية مطلقة.
أهلًا بك أخي محمود،
لدي بعض الاستفسارات أريد معرفة رأيك فيها كونك مختص في الموارد البشرية وسلوك وطبائع البشر؟
ما هي أهم النصائح للنجاح في أي مقابلة وظيفية من واقع خبرتك ومعرفتك؟
ما هو أثر البيئة على سلوك الفرد وكيف تنعكس هذه البيئة على صافته وشخصيته؟
هل الإنسان كائن أناني بطبعه ؟ ما مدى اتفاقك مع هذه العبارة ؟
كيف يمكن للإنسان التغلب على مخاوفه دوما؟ ونصفه المتشائم والجبان؟
أهلا بك، أخي إسماعيل
بورك فيك، أخي الفاضل
لكي ينجح المرء بأية مقابلة وظيفية، ينبغي أن يكون وفق سجيته وطبيعته؛ يتجنب تماما آلية التصنع ومحاولة أن يكون شخصا آخر؛ يجيب عما يعرفه هو ويترك ما يجهله ويبدو وكأنه داخل غرفته، بعيدا عن التكلف والابتذال
فيما يتعلق باستفسارك الثاني بشأن الأثر المحيطي، فمن المعلوم بداهة أن محيط المكان حولنا يكون له أثر على أجسادنا واجتماعياتنا كما أفكارنا وعاطفتنا لأن محيط المكان قد يغير بداخل الإنسان ما يلي:
1- مزاجية الإنسان وقدر شعوره بالرفاهية؛ على سبيل المثال وإذا كان الإنسان يحيا داخل منزل به كثير من المهملات والقمامات، فإن ذلك سيدعوه إلى ترك مخلفاته هو الآخر ورفضه الاعتناء بجماليات المكان من حوله بينما إذا قضى الإنسان حياته داخل منزل أنيق، فسوف يحفزه ذلك إلى تخصيص وقت لإلقاء مخلفاته بصندوق القمامات؛ مثال آخر أن إذال كان الإنسان مقيما بمنطقة يكثر بها التلوث المناخي وتتفاقم فيها الضوضاء الصاخبة، فسوف يزداد توتره وقلقه وقد يبلغ الأمر به أن يصل إلى حالات الاكتئاب المزمن وقد يصيبه شيئ من خبال عقلي ويتطلب زيارة اختصاصي؛ فالمحيط المكاني قد يتسبب في ارتكاس عقل المرء ولذلك، أنصحن جميع الأفراد العاملين عبر الشابكة بكثرة الاستماع إلى أصوات العصافير المغردة وخرير الماء وهناك برنامج يتيح ذلك وإليك رابط استخدامه
2- دوافع الفرد وأداء عمله؛ فعلى سبيل المثال وإذا تواجد طالب داخل فصل دراسي متسع وفسيح كما مزود بأثاث فخم ومواد تفاعلية، فسوف يلهمه ذلك مزيدا من الإقبال على طلب العلم والمشاركة مع معلمه بينما الفصل المظلم وضيق المساحات سيثني الطلاب عن التعلم وطرح الأسئلة؛ مستويات الإضاءة ودرجات الحرارة لها أثر كذلك، على وفرة إنتاجية الفرد وابتكاره للجديد؛ فكلما كانت درجات الحرارة بالمعتدلة نسبيا، نمت الوظائف الإدراكية واستطاع الفرد الابتكار وإنتاج المزيد من الأفكار الرائدة
3- سلوك الفرد الاجتماعي وتفاعله مع الآخرين، على سبيل المثال وعندما تجلس داخل حديقة بها أشجار وملاعب للأطفال، فإن هذا يدعوك إلى المخالطة وتبادل المناقشات بينما الحديقة التي تحيطها الأسوار وبها جدران متهالكة سوف تمنع الفرد من تفعيل مهاراته التواصلية وستعيق الطفل عن ممارسته اللعب. هذا، بطبيعة الحال، يفسد كثيرا من السلوكيات الثقافية عند الطفل ويقوض هويته ويجعلها مضمحلة؛ فيفقد اعتزازه بدينه وبمجتمعه لأن معاييره التي نشأ عليها تترابط بذهنه بالقبح والدمامة
في الختام، هذه عوامل خارجية يستطيع المرء من خلال التعلم الدائب أن يقوم هو بتطويعها لصالحه؛ فأنشطة الإنسان وجهوداته من شأنها أن تغيرن الكون من حوله وكم من عظماء وعلما نشأوا داخل مجتمعات ينخر الفساد في عظامها؛ فأنت الإنسان من تغير وأنت من تحدث الأثر
استفسارك الثالث من بين أشهر الأسئلة التي يطرحها الباحثون والمفكرون وقد اختلف المنظرون بشأنها؛ فمنهم من يروا أن الإنسان يتصف بأنانيته نوعا ما لكونه حريصا على البقاء ودائم التكاثر؛ هذا يولد شيئا من التنافس وكل إنسان يسعى إلى نيل مبتغاه بأيسر طريقة وبأدنى ثمن
منظرون آخرون أكدوا أن الإنسان ينزع كثيرا إلى أن يعاون غيره وأن يقيم علاقات معهم بدافع التوادد والتحاب؛ فهناك من يتبادل الخبرات مع الآخرين وهناك من يؤثر أخاه الإنسان ويقدم له ما يريد حتى وإن كان هو متطلبا هذا الشيئ؛ فمن يرى علاقات الأقرباء مع بعضهم البعض وتكافلهم كما تراحمهم، سيزداد يقينا أنه من المحال أن يكون الإنسان بفطرته مغرق الأنانية - هناك نظرية الاقتصاد الجمعي ومضمونها أن الإنسان ينبذ أنانيته ودليل ذلك أنه يوارن بين رغباته وأهدافه وبين محيط مجتمعه وثقافات أفراده وبذلك، يراعي طموحاته وفي ذات الوقت، يعلم أن للآخرين طموحات ويدرك أنه من حقهم إنجازها؛ فوفق النظرية، فإن الإنسان يعلم أن هناك ثوابا وعقابا ولذلك، فهو يأتي بالأفعال الصالحات وينبذ السيئات؛ فهو يحاكم ذاته إن أخطأ وينظر بعين الاعتبار إلى أصول دينه وعقيدته وثقافته كما علومه واستدلالاته البحثية ولذلك، فهو ينادي بالعدل والخير وإعطاء الحقوق إلى أهلها
في رأيي، أن الإنسان يختلف عن أخيه؛ فمنا من يكون مفرط الأنا ومنا من يكون معتدلها؛ فجميعنا نريد أن نكون الأفضل لكن مع مراعاة أن للآخرين حقوقا وأننا مطالبون بمساعدتهم؛ فالإنسان نتاج عقله وهو من يختار طريق رشاده وضلاله
إن أسلم الطرق للتغلب تماما على كافة مخاوفك أن تخوضها؛ إذا كنت تخاف الظلمة؛ سر بطريق مظلم طوال 21 يوما وقاومن خوفك وهلعك؛ إن كنت تخاف المرتفعات، اصعد إلى أعلى تبة تجدها وافعل مرارا وسيزول خوفك وهكذا، مع سائر مخاوفك الحالية؛ اعلم تماما أن الخوف بمثابة بستان تظنه أنت محرما عليك بينما هو حق لك أن تنهل من ثماره وتحظى بمسراته؛ فإن استمررت ظانا أن هذا البستان ملك لغيرك، ستظل أسيرا لظنك الخاطئ لكن إن أدركت أن هذا البستان لك وحدك، ستخوضه بقوة وستنال منه ما تشاء؛ كذلك الخوف؛ تظنه منطقة عسرة الولوج بينما وفي حقيقة الأمر، فإنه بقعة مأهولة وممهدة أمامك وأنت من بيدك تحديد موعد دخولها
التعليقات